تقرير غربي: فريق عون في «فقاعة BUBBLE» معزولاً عن لبنان!
تتداول اوساط ديبلوماسية معلومات حول إتصالات جرت بين جهات اوروبية ودوائر الرئاسة الاولى من أجل تقديم إقتراح للخروج من أزمة تأليف حكومة جديدة ببرنامج إنقاذي يساهم فيه الغرب بما لا يقل عن عشرة مليارات دولار أميركي،لكن قصر بعبدا أوصد الباب في وجه هذا المسعى الغربي.فما هي المعطيات؟
في معلومات ل”النهار” من هذه الاوساط ان تحركا غربيا منسقا قام به مباشرة الطرفان الفرنسي والالماني في بيروت يوم إستقالة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الاول الماضي وذلك لعرض تصور مشترك بشأن ما يمكن تقديمه من أجل مساعدة الحكومة الجديدة على الشروع في تنفيذ برنامج يعيد الحيوية الى الاقتصاد اللبناني وينتشله من أزمته المالية التي تهدد إستقراره النقدي. ويقوم هذا التصور الفرنسي-الالماني على الاتي: تأليف حكومة مصغّرة تحاكي مطلب اللبنانيين الذين تظاهروا منذ 17 تشرين الاول الماضي ولا يزالون ، ويكون في رأس اولوياتها الشروع في تقليص عبء القطاع العام والذهاب الى برنامج خصخصة مدعوما بإكتتاب فرنسي-الماني في سندات الخزينة بمبلغ 10 مليارات دولار أميركي لمدة طويلة بفائدة متدنية جدا.
الجهة الرسمية في قصر بعبدا التي تلقت العرض الفرنسي – الالماني هو وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي وتحديدا في اليوم الذي إستقال فيه الحريري أي يوم الثلثاء الماضي.فعلى موقع رئاسة الجمهورية ورد نبأ يحمل تاريخ 29-10-2019 ، وجاء فيه ان جريصاتي “استقبل السفير الالماني لدى لبنان جورج برغيلين وبحث معه الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة. وقد نقل السفير برغيلين موقف بلاده من الاحداث التي تحصل في لبنان والمنطقة.”
ما لم يرد في النبأ هو ما دار في هذا اللقاء الذي من سبق إستقالة الحريري ، كما لم يرد الجواب الذي سمعه السفير الالماني من الوزير.لكن الاوساط الديبلوماسية اشارت الى ان برغيلين تلقى جوابا سلبيا نقله اليه جريصاتي الذي كان بدوره متلقيا للجواب خلال إنعقاد اللقاء ،أي ان جريصاتي حوّل المبادرة التي جاء بها السفير الالماني الى المرجعية في الرئاسة الاولى والتي قررت عدم التجاوب مع ما حمله السفير.
لا تشير المعلومات حول هذه الواقعة الى الاسباب التي قدمها جريصاتي لزائره كي يبرر عدم قبول الاقتراح الفرنسي-الالماني. غير ان ردة الفعل التي سجلتها اوساط سياسية مواكبة لهذا الاقتراح تفيد ان الاستياء الغربي كان عارما ,ونقلت عن احد السفراء قوله انه بصدد رفع تقرير الى بلده سيقول فيه “ان فريق الرئاسة الاولى يعيش في فقاعة BUBBLE”، في إشارة الى هذا الفريق يعيش معزولا عما يجري في لبنان. (وبالتأكيد فقد سلك هذا التقرير طريقه منذ الثلثاء الماضي).
وتشرح هذه الاوساط السياسية ل”النهار” أهمية هذه المبادرة من أهم بلديّن في الاتحاد الاوروبي، أي المانيا وفرنسا. فقالت انها طرحت على مسؤول سابق رفيع المستوى في مؤسسة كهرباء لبنان ماذا يعني مثلا ان يستخدم لبنان مليار دولار من أصل 10 مليارات دولار ستكتتب فيها المانيا وفرنسا في سندات الخزينة من أجل حلّ أزمة الكهرباء فكان جواب هذا المسؤول: “سيحظى لبنان بكهرباء على مدار الساعة ،24 على 24 خلال سنة ، على ان يحصل لبنان على 10 مليارات دولار بعد ذلك من برنامج خصخصة بمواصفات عالمية شفافة”.
الحجة التي ما زالت تنسب الى دوائر الرئاسة الاولى، والتي تنتشر في الاروقة السياسية، هي ان رئيس الجمهورية ميشال عون يريد إستباق الاستشارات النيابية الملزمة بتفاهم يشمل التكليف والتأليف معا. وفي المعلومات من اوساط الرئيس الحريري ان الاخير لا يضع نفسه عقبة امام الوصول الى تشكيل حكومة جديدة. أي انه لا يتمسك بترؤس الحكومة المقبلة إذا لم يلق تجاوبا مع طرحه الاتيان بحكومة مصغّرة تضم فريقا مؤاتيا لتنفيذ برنامج الاصلاحات. وحتما في مثل هذه الحكومة، سيكون رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل خارجها.ولملاقاة هذا التوجه ، علمت “النهار” ان الاجتماع الموسع الذي عقده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط السبت الماضي وضم أعضاء “اللقاء الديموقراطي” النيابي وقيادة الحزب إنتهى الى قرار جرى إبلاغه الى الحريري ويقضي بتنحي الحزب عن المشاركة في الحكومة الجديدة التي يتصوّرها الحريري. وبما يشبه قرار الاشتراكي، علمت النهار أيضا من اوساط قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري انه مستعد لملاقاة مسعى تشكيل حكومة جديدة بمواصفات من خلال تنحي وزيره السوبر علي حسن خليل. وهنا لا بد من ذكر موقف “القوات اللبنانية” التي إستبقت سواها بقرار التنحي عن المشاركة في حكومة جديدة ستكون صفتها غير سياسية او حزبية.
في المقابل، ما زال موقف “حزب الله” ملتبسا بسبب رفضه الذهاب الى تشكيل حكومة غير سياسية بالكامل بذريعة ظروف إقليمية. وفي هذا السياق تقول اوساط حكومية ل”النهار” ان الحزب في تفكيره “خارج الحسابات اللبنانية البحتة”، في إشارة الى ان الحزب يربط سلوكه في بلبنان بما يجري في المنطقة وتحديدا في العراق الذي يشهد للمرة الاولى منذ سقوط حكم الرئيس صدام حسين هذه الموجة العارمة من الكراهية للنفوذ الايراني في ذلك البلد.وتفيد هذه الاوساط ان “حزب الله” لم يعد لديه سوى خيار التمسك بورقة حليفه المسيحي الرئيس عون.
في خلاصة لكل هذه المعطيات لا يبدو ان لبنان سيشهد قريبا تطورا يلاقي اللبنايين الذين قالوا كلمتهم على إمتداد الساحات. ولن يكون صعبا شرح هذه النقطة ،إذ يكفي فقط العودة الى ما ورد في التقرير الغربي حول” فقاعة BUBBLE” التي يسكنها الان الطرف الذي عليه ان يبادر لملاقاة الحلول المطروحة للازمة ولا يفعل. هذا الطرف هو الرئاسة الاولى التي تتجه اليها حاليا الانظار.