عون و”حزب الله” يراهنان على وهن الشارع… وباسيل عقدة اي حكومة
في مشهد غير مسبوق في العالم العربي وربما في العالم، قدم الشعب اللبناني الأحد مشهدية تعبيرية متألقة للانتفاضة الشعبية التي بدأت قبل 11 يوماً، من دون كلل أو تعب، فربط لبنان من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله بسلسلة بشرية ضمت صغاراً وكباراً ونساءً ورجالاً، من دون أن تنجح في خرق جدار البرج الذي لا تزال الحكومة اللبنانية تتلطى خلف أسواره.
فعلى الرغم من كل المعلومات التي ترددت أن رئيس الوزراء سعد الحريري في صدد تقديم استقالة حكومته خلال ٤٨ ساعة، فإن المهل تنقضي من دون تبلور أي صيغ من شأنها أن تشكّل مخرجاً لائقاً يرضي الشارع، ولا يُسقِط الطبقة السياسية الحاكمة.
وفي حين تستمر الاتصالات والمشاورات بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، ويشارك فيها “حزب الله”، فإنها لم تفض بعد إلى أي نتيجة في ظل استمرار تمسك عون بوجود صهره رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في أي حكومة عتيدة، وبالتالي، رفضه التضحية به على حساب قيام حكومة حيادية، نزولاً عند طلب المتظاهرين.
وينقل زوار قصر بعبدا كلاماً لعون يدافع فيه عن باسيل، مستعرضاً إنجازاته في الوزارات التي تولاها، الأمر الذي أكد لهؤلاء أن عون ليس في وارد القبول بتنحي باسيل، ما يعني أن أي استقالة للحكومة مشروط باتفاق ضمني على تشكيلة الحكومة العتيدة لم ينضج بعد، ولن ينضج ما لم تُذلّل عقدة توزير باسيل.
من يصرخ أولاً؟
وكشفت مصادر سياسية مأذونة مواكبة لحركة الاتصالات الجارية، عن أن ثنائي عون- “حزب الله” يراهن على وهن الشارع وتعبه، بعد بدء حملة تحميله مسؤولية شلل البلاد وتوقف قطاعاتها الاقتصادية عن الإنتاج، كما سيُحمَّل مخاطر أي انهيار مالي محتمل لدى فتح المصارف أبوابها أمام المواطنين.
في المقابل، لا تستبعد المصادر أن يكون لـ”حزب الله” رهان آخر، يقضي بأن يعطي عون هامشاً من التحرك، قبل أن يحسم في مسألة باسيل، خصوصاً إذا ما تراءى له أن استقالة الحكومة باتت الخيار الوحيد المتبقي أمامه قبل أن ينهار البلد بين يديه.
وقد بدأ يبلغ مسامع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله كلاماً بأنه “ضحى بابنه من أجل المقاومة، في حين أن رئيس الجمهورية يرفض الأضحية بصهره لأجل البلد”.
ولا تقلّل المصادر من موقع باسيل عند الحزب وليس فقط عند عون، ولكنها لا تقلّل أيضاً من وعي قيادة الحزب إلى ضرورة تحمل الأضرار الناجمة عن تقييد البلد باسم، خصوصاً أن ثمة معلومات تتردد عن احتمال صدور دفعة جديدة من العقوبات الأميركية قد تطال شخصيات أو مؤسسات مرتبطة بباسيل، إن لم يكن باسيل نفسه ضمنها.
وتضيف المصادر أن الحزب، كما عون، لا يمكنهما الاستمرار في صم الآذان حيال الأصوات الغاضبة في الشارع، أو الرهان على تعبها، خصوصاً أن معلومات موثوقة كشفت عن أن الحزب ليس في وارد اللجوء إلى العنف، على غرار حركة 7 مايو (أيار) 2008، عندما تحركت عناصره بالقمصان السود واحتلت بيروت، وذلك بعدما تحوّل الحراك الشعبي وجهةً لكل محطات التلفزة العالمية، وحافظ المتظاهرون على سلمية تحركهم، وحصروا مطالبهم باستقالة الحكومة، من دون المس بـ”المقاومة” أو بالحزب نفسه. يُضاف إلى ذلك، أنّ قيادة الجيش أبلغت القوى السياسية بأنها مستمرة في حماية المواطنين المتظاهرين، ونُقلت الأحد صور لعناصر من المؤسسة العسكرية يقدمون الحلوى لسيدات وشابات وأطفال شبكوا أيديهم ضمن السلسلة البشرية الممتدة من الجنوب إلى الشمال.
انطلاقاً من هذه المعطيات، لا يزال الحريري يراهن على إمكانية التوصل إلى تشكيلة حكومية برئاسته، تمتص الحركة الاعتراضية في الشارع، ويوافق عليها الحزب. ولكن حتى الساعة، لا تزال كل المعلومات حول الاستقالة في إطار التكهنات، كما الكلام عن أن رئيس الحكومة يعتزم توجيه كلمة إلى المتظاهرين، لن يُترجَم إلاّ حين يخرج الحريري من السرايا ليعلن الاستقالة بنفسه.
عون غير راضٍ على قائد الجيش؟
وتكشّفت معلومات عن انزعاج رئيس الجمهورية من اقتراح الحريري الرامي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط، ونُقل عنه قوله إن باسيل “تكنوقراط” أيضاً. فإما يعود إلى الحكومة، وإما يذهب الاثنان معاً. ويوحي ذلك بأن عون مستعد لفرط التسوية التي أوصلته إلى الرئاسة وأوصلت الحريري إلى رئاسة الحكومة.
والانزعاج موصول أيضاً على قائد الجيش، إذ تفيد معلومات بأن عون غير راضٍ عن موقف الجيش من المتظاهرين، ملوّحاً باستعمال صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة.
المصدر : ندبندنت العربية