إلى بقايا جندي مخدوع في باحات قصر بعبدا .. (بقلم عمر سعيد)
لو عدت من الموت لما سمعت ورأيت إلا حكايا الوطن المغدور مثلك ..
ولما بقيت حزيناً في موت تحاول أن تنجو به من القتل مخدوعاً ..
لو عدت إلى الساحات ، لوجدت أن الذين يحتاجون إلى اهتمامك بهم أكثر من الذين نزلوا للاهتمام بموتك ..
لو عدت إلى الشوارع لوجدت أن الجميع يشتغل في نسج ذلك العلم الذي يريدونه أن يلف الوطن كله عند تشييعه الأخير ..
كنا نتوقع أن ينبت شهداء الجيش غابات ، تحتضن كل طير مهاجر ..
غير أنا صدمنا ، ونحن نرى غابات الشهداء تسيجها مصالح العائدين من الفرار ..
وأشد ما يؤلم في المشهد ، ذلك السور الذي أقيم عند قبرك ، يحرمك من زيارات أهلك الفقراء..
ولو عدت لرأيت كثرة انشغال الناس في أربابهم الجائعين ، يعملون ليطعموهم، وقد نسوا كيف أماتك الهارب جوعاً وهزائم .
يكفيك يا شبهي في الوجع والخيبات؛ أنك ارتديت التراب عباءة ، وتدثرت بأنفسها نسيجاً.
لا تغضب في موتك ، فالغضب هناك موت آخر ، ونحن لا نريد لك أن تموت كل يوم ..
ونريدك أن تكون حاضراً معنا عند محاكمة الذين يسعون لبيعك في هذا التراب ..
فأنت صاحب الأرض .. وأنا والكل نشهد على وثيقة الدم التي ملكتك هذا الوطن ..
ولتعلم أن الذي يقايض بقاياك بالصولجان ، قد رأيناه جميعا يفر ذات صباح من دمك الذي سكبته في شرايين الوطن ..
وأن مؤتمرات السارقين تنعقد تحت جنح الخجل من بصطارك المطمور في حياض المجد في بعبدا ..
فلا تخف من أحفاد ابن العلقمي ..
فما احتضنت أرض جيف الموت ..
و أقدس التراب ذاك الذي عبقت ذراته بدم قد ضجت الدنيا من حرارته ، تسلخ وجوه الكذابين .
ابن العلقمي : وزير الخليفة العباسي المعتصم .. الذي ساعد التاتار على اجتياح بغداد .
عمر سعيد