نصرالله يدفع لبنان إلى حافة الهاوية
في الوقت الذي يسعى فيه لبنان للخروج من عنق الزجاجة بفعل أزمة اقتصادية خانقة وتراكمات أزمة سياسية لم يتعاف بعد من تداعياتها، عاد حزب الله الموالي لإيران مجددا ليسمم علاقات الدولة اللبنانية بحضنها العربي بثنائه على العدوان الإيراني على منشأتين لأرامكو.
واعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله اليوم الجمعة أن الهجمات على مجمعي بقيق وخريص هي “مؤشر على قوة محور المقاومة واستعداده للذهاب بعيدا”.
وقال أيضا إن إيران ستدمر السعودية في حال نشوب حرب في المنطقة، في تهديدات من شأنها أن تفاقم متاعب لبنان الذي يواجه أزمة اقتصادية حادة وضعت الدولة اللبنانية على حافة الإفلاس.
وليس غريبا أن يتحول حزب الله إلى ناطق باسم إيران فقط أكد أمينه العام في تصريحات سابقة أن “مشروعه الذي لا خيار غيره أو أن يتبنى غيره هو مشروع دولة إسلامية وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية بل جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقية الإمام الخميني”.
وأثقل حزب الله بالفعل بتدخلاته وبتماهيه فعلا وقولا مع الأجندة الإيرانية على الدولة اللبنانية وسمم علاقاتها مع محيطها العربي ومن ضمنه السعودية التي سبق أن حذّرت من ارتهان الجماعة الشيعية لقرارات الدولة وعلقت في السابق مساعدات كانت مقررة لقوات الجيش اللبناني.
والمملكة من ضمن أكبر الدول الداعمة للبنان واستقراره واقتصاده، لكن تمادي حزب الله في الإساءة للرياض وتمسكه بالولاء لإيران، أساء للعلاقات بين البلدين.
وتأتي تصريحات نصرالله بينما يترقب المستثمرون لمعرفة ما إذا كانت دول الخليج ستلقي بحبل نجاة قد يتيح للبنان فرصة لالتقاط الأنفاس بعد فتور في العلاقات بسبب ارتهان حزب الله لسيادة الدولة اللبنانية.
ولطالما كانت السعودية داعما إقليميا كبيرا لاستقرار لبنان ولأمنه ووحدته، لكن العلاقات مع لبنان شهدت في السنوات القليلة الماضية نوعا من الفتور بسبب مصادرة حزب الله المدعوم من إيران للدولة اللبنانية وارتهان قراراتها.
وتأتي تهديدات نصرالله أيضا في الوقت الذي يقوم فيه رئيس الوزراء سعد الحريري بزيارة لباريس لإجراء مباحثات مع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ستركز حول سبل مساعدة لبنان على تجاوز الأزمة الاقتصادية.
وأعلن الحريري اليوم الجمعة، أن فرنسا ستمنح بلاده قرضا بقيمة 400 مليون يورو، إضافة لتزويد الجيش اللبناني بعتاد لتعزيز دفاعاته.
وقال في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي “أشكر فرنسا باسم كل اللبنانيين لدعمها استقرار واقتصاد لبنان. فرنسا وافقت على منح بلادنا قرضا بقيمة 400 مليون يورو”.
وكشف عن توقيع مذكرة نوايا مع فرنسا لتزويد الجيش اللبناني بعتاد لتعزيز دفاعاته، دون المزيد من التفاصيل.
وتابع الحريري، “أريد عقد اجتماع لمجموعة سيدر في باريس في منتصف أكتوبر/تشرين الأول المقبل”.
وسيدر، مؤتمر اقتصادي عقد في 6 أبريل/ نيسان 2018 في باريس بمشاركة 50 دولة ومؤسسة مالية مانحة بهدف دعم اقتصاد لبنان وتعهد المؤتمر بمنح بيروت قروضا بنحو 10.2 مليارات دولار، وهبات قيمتها 860 مليون دولار، فيما قدم لبنان برنامجا إصلاحيا كشرط أساسي للحصول على قروض سيدر.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق بيان صادر عن وزارة المالية في مايو/أيار الماضي.
وتطرق الحريري إلى الهجوم الذي استهدف قبل أيام منشأتين لشركة أرامكو السعودية للنفط شرقي المملكة، معربا عن أمله في “ألا يكون هناك مزيد من التصعيد”.
وأضاف “المملكة لها حق الرد بما تراه مناسبا، ففي النهاية، إنه هجوم على أراضيها وعلى سيادتها”، في تصريحات تتناقض مع ثناء حزب الله على العدوان الإيراني.
وبدأ الحريري الجمعة زيارة رسمية تستمر يومين إلى فرنسا استهلها بلقاء مع رجال أعمال فرنسيين ومن المقرر لاحقا أن يلتقي مسؤولين سياسيين واقتصاديين.
ويرهن المانحون الإفراج عن القروض والتعهدات في سيدر 2018، بمليارات الدولارات لمساعدة لبنان على استعادة توازناته المالية، بتنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية قاسية، في الوقت الذي تتردد فيه الدول الغربية في دعم الدولة اللبنانية بسبب أنشطة حزب الله في لبنان وسوريا واليمن وولائه لإيران.
وفاز حزب الله وحلفاؤه في الانتخابات التشريعية وأصبح شريكا في الحكومة التي شكلها سعد الحريري، ما يعني أن أي ممارسات وأنشطة ستجر لبنان إلى الهاوية.