لهذه الأسباب لن ترفع الإمارات الحظر عن زيارة مواطنيها إلى لبنان
على رغم اتخاذ السعودية قرار رفع الحظر عن رعاياها لزيارة لبنان، وعلى رغم الوعود وتوقعات بأن دولة الإمارات العربية المتحدة ستحذو حذو الرياض، إلا أن ذلك لم يحصل، ولن يحصل على ما يبدو في المدى القريب.
وتتحدث مصادر دبلوماسية عن تريّث الإمارات قبل السماح لرعاياها بزيارة لبنان. وتريثها يعود إلى أسباب عدة أبرزها، أنها تعتبر الوضع الأمني في لبنان حساساً، وما حصل في طرابلس في 4 يونيو (حزيران) يمكن أن يتكرر (هجوم لعنصر من داعش اسمه عبد الرحمن المبسوط قتل أربعة عسكريين)، إضافة إلى الأحداث الأمنية المتنقلة في أكثر من منطقة. وتشرح المصادر أن قرارات السماح أو المنع للمواطنين الإماراتيين بزيارة أي دولة، تتخذ في وزارة الخارجية بناء على معايير أمنية عالمية محددة ومطلوبة لتأمين سلامة مواطنيها، ويُعمل على التحقق من توافرها قبل اتخاذ أي قرار. ويبدو أن هذه الشروط لا تزال مفقودة في لبنان.
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات كان لها دور أساسي في مساعدة الأجهزة الأمنية العاملة في مطار رفيق الحريري الدولي، لتأمين ما يلزم من إجراءات كفيلة بتحقيق الأمن في هذا المرفق المهم.
خلية حزب الله
قد لا يكون التمسك بمعايير أمنية محددة وحده السبب وراء استمرار الحظر الإماراتي، فبحسب المصادر الدبلوماسية، لا يمكن فصل هذا القرار عن الخلية الإرهابية التابعة لحزب الله، والتي ضُبطت عام 2017 في أبو ظبي. هذه الخلية، وهي الثانية، التي سعى الحزب إلى تجنيدها في الإمارات، اعترف اثنان من أعضائها بالتهم الموجهة ضدهما بعدما ووجهوا بتسجيلات بالصوت والصورة تؤكد تورطهما بالتخطيط لهجمات إرهابية في الإمارات، بناء على أوامر من حزب الله. الخلية كانت تضم ثمانية لبنانيين يقيمون في الإمارات ويعملون فيها منذ أكثر من 15 عاماً. سبعة أشخاص من الخلية كانوا يعملون في مجموعة “طيران الإمارات”. وكانت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات أصدرت منذ حوالى الأسبوعين حكماً بالسجن المؤبد بحق واحد منهم، والسجن لعشر سنوات بحق اثنين آخرين، وأطلقت سراح الخمسة الباقين. وتكشف المعلومات أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تبلغ بكل تفاصيل الملف، وحصل تواصل سابق بينه وبين الأجهزة الإماراتية المعنية، ولا يزال التواصل مستمراً. وتستبعد المصادر الدبلوماسية أن يتدخل شخص مثل اللواء إبراهيم، وهو رجل المفاوضات والحلول كما يصفه الجميع، ليتوسَّط في هذه القضية التي لا تحتمل أدنى شك عن سعي حزب الله المتكرر إلى استهداف الإمارات بعمليات إرهابية في الداخل.
وللمفارقة أنه وبينما الإمارات تحاكم لبنانيين يخططون لزعزعة أمنها، كان السفير الإماراتي حمد الشامسي يواصل تنقلاته في لبنان من منطقة إلى أخرى على قاعدة وثيقة الأخوة والسلام. وكانت له زيارة لافتة إلى بلدة كفرحمام الجنوبية، حيث حظي باستقبال تميز بالحفاوة، محاولاً نزع ألغام الفتنة، بعدما لعبت بلاده الدور الأساس في نزع ألغام القتل التي تركتها إسرائيل داخل المنازل والقرى بعد انسحابها من جنوب لبنان.
في الإمارات 300 ألف لبناني نصفهم يحملون جنسية مزدوجة، ويعملون في شتى المجالات، و”نصفهم الآخر من الجنوب، فمن قال إن الشيعة كلهم حزب الله”؟ تسأل المصادر الدبلوماسية عينها.
قرار حظر المواطنين الإماراتيين عن زيارة لبنان مستمر، وإلى الأسباب السابقة تُضاف أيضاً دقة المرحلة في المنطقة، وانعكاسها على الساحة اللبنانية.
وقد يكون الوضع في لبنان حالياً هو الأصعب الذي مر به هذا البلد. وتقول مصادر دبلوماسية “إنها المرة الأولى التي نشهد فيها على واقع سياسي متخبط، يُضاف إليه وضع أمني غير مستقر، ووضع اقتصادي متراجع، ووضع مالي مهتز”. وتتأسف المصادر الدبلوماسية في لبنان على ما يصفونه “بالعمل الممنهج لتدمير المؤسسات”، ويختمون بأن “الدستور وحده يحمي بلد الأرز، أما عندما تتغلب المصالح الشخصية على الوطنية، كما هو حاصل الآن، فلن يستقيم بلد”.
اندبندنت عربية