بسبب تدخل إيران.. حكومة غير مكتملة وبرلمان يعاني من الانقسام والفوضى ونقص حاد في الخدمات وهيمنة إيرانية على كل مفاصل الدولة..
حكومة غير مكتملة وبرلمان يعاني من الانقسام والفوضى ونقص حاد في الخدمات وهيمنة إيرانية على كل مفاصل الدولة وصراعات سياسية معمقة.. هذا هو حال العراق بعد عام من الانتخابات البرلمانية التي جرت في ١٢ مايو/أيار من العام الماضي.
فلم يتمكن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي رغم مرور نحو سبعة أشهر على نيله الثقة من قبل مجلس النواب من إشغال الوزارات الشاغرة في حكومته المتمثلة بوزارات الداخلية والدفاع والتربية والعدل؛ إثر الخلافات بين الأطراف السياسية العراقية خاصة بين كتلة الإصلاح والإعمار (تحالف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم)، وكتلة البناء (تحالف مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران وحزب الدعوة بقيادة نور المالكي وأطراف سياسية أخرى)، الأمر الذي لا يزال يشكل عائقا في طريق الحكومة التي لم تنفذ بعد برنامجها الانتخابي ولم تفِ بوعودها للشارع العراقي الذي يعاني من ظروف صعبة في ظل نقص الخدمات وانتشار الفقر والبطالة وسيطرة المليشيات الإيرانية على الشارع والتحكم بسياسة الدولة.
محور إيران ومليشياتها
ولعل أبرز التحديات التي يواجهها رئيس الوزراء عبدالمهدي بعد مشكلة الوزارات الشاغرة هي مشكلة إيران ومليشياتها، حيث يسعى إلى الابتعاد عن المحور الإيراني كي لا يعكر علاقاته مع الحليف الأمريكي الذي يضغط على بغداد للالتزام بالعقوبات التي يفرضها على طهران لتصفير صادرات إيران النفطية والحد من إرهاب نظام ولي الفقيه، ونزع سلاح المليشيات، لكن عبدالمهدي يواجه في الوقت ذاته ضغوطات إيرانية من قبل الحرس الثوري ومليشيات الحشد الشعبي والأحزاب الموالية لإيران تطالبه بخرق العقوبات الأمريكية ودعم النظام الإيراني وإخراج القوات الأمريكية الموجودة في العراق؛ الأمر الذي يجعله في موقف صعب.
المراقبون يؤكدون أن نجاح عبدالمهدي يكمن في اختيار المحور الأمريكي والاستفادة من العقوبات الأمريكية على إيران في تصفير نفوذها في العراق، خصوصا أن الخليج العربي فتح أبوابه للعراق كي يعود إلى محيطه العربي بعد أن أبعدته إيران ومليشياتها منه خلال السنوات الماضية.
وإلى جانب هذه التحديات تأتي تحديات أخرى في مقدمتها ازدياد تحركات تنظيم داعش الإرهابي في مناطق عدة من العراق، إضافة إلى محاربة الفساد المستشري في أغلبية مفاصل الدولة، إلى جانب نقص الكهرباء والخدمات الرئيسية التي تشعل الشارع العراقي خلال أشهر الصيف.
وقال الكاتب والصحفي العراقي علي البيدر لـ”العين الإخبارية”: “إن النظام في طهران استخدم كل الوسائل والإمكانيات من أجل الاستيلاء على أغلبية مقاعد مجلس النواب العراقي والسيطرة على الحكومة، وهذا مكنها من امتلاك دور كبير داخل البرلمان والتحكم بالمناصب الوزارية وشل العملية السياسية”، مشيرا إلى أن التدخلات الإيرانية كانت واضحة في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
ولفت البيدر إلى أسباب أخرى ألقت بظلالها على عمل الحكومة العراقية والوضع السياسي هناك منذ الانتخابات البرلمانية حتى الآن، موضحا أن انعدام النضج السياسي لدى القوى السياسية المتصارعة على المناصب، إضافة إلى أن التجربة السياسية في العراق لا تزال فتية لم تستطع صناعة رجال دولة قادرين على تغيير كثير من المفاهيم برؤى وأفكار وطنية ينتج عنها مخرجات إيجابية تنعكس على الواقع الخدمي للمواطن.
وبحسب نائب في ائتلاف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي يمتلك ٥٤ مقعدا برلمانيا بعد نيله المرتبة الأولى خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لم تتوصل كتلتا الإصلاح والبناء إلى اتفاق حول وزارة الداخلية حتى الآن.
حكومة دون المستوى
وقال النائب الذي رفض الكشف عن اسمه لـ”العين الإخبارية”: “التدخلات الإيرانية تعيق توصلنا إلى اتفاق، فالإيرانيون لا يزالون يفرضون رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض على الأطراف السياسية العراقية كمرشح وحيد لإشغال وزارة الداخلية، وإذا استمر هذا الوضع وتأخرت عملية استكمال الوزارات المتبقية قد تتجه كتلة البناء إلى سحب دعمها لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وبالتالي إنهاء الحكومة الحالية”.
ووصف رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، زعيم ائتلاف النصر، الأحد، أداء الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي بأنه “دون المستوى المطلوب”.
وقال العبادي في حديث لوكالة سبوتنك الروسية: “الحكومة الحالية أنتجها تحالف لا يعتمد المبدأ الدستوري بالكتلة الأكبر، وهي نتاج تحالف قلق وهش، نحن أيدنا الحكومة ودعمناها بالتشكيل، رغم أننا لم نشترك بها ونحن ندعمها بالإجراءات السليمة ونعارضها بالإجراءات غير السليمة”.
وشهد العراق خلال الأسابيع الماضية تحركات مكثفة من قبل حيدر العبادي وعمار الحكيم وأطراف أخرى ضمن مشروع تشكيل تحالف معارض للحكومة العراقية، وتسعى الأطراف المنظمة لهذا المشروع الذي من المتوقع أن يرى النور خلال الأيام القادمة إلى إنهاء الحكومة الحالية برئاسة عادل عبدالمهدي وتشكيل حكومة جديدة.
واعتبر المحلل السياسي العراقي عماد الخزاعي، لـ”العين الإخبارية”، الحراك السياسي الذي يقوده العبادي والحكيم الذي يلوح بإمكانية سحب الثقة من عبدالمهدي وتغيير خارطة التحالفات السياسية في العراق عاملا مساعدا لحكومة عبدالمهدي، موضحا أن هذه الضغوطات تصب في مصلحة عبدالمهدي لأنها ستدفع به إلى العمل بسرعة لتقديم الأفضل في الوقت الحاضر.
المصدر : العين الاخبارية