إلى الأم القواتية .. أم الشهداء .. رياحين الوطن وخبزه المقدّس. (بقلم عمر سعيد)
بأي الحكايا أبدأ الصلاة إليك، وأنت الرحم ومنك ماء الراس وحبل السرة مدفوناً في الوطن .
وكيف أُتقِنُ الخُشُوعَ بين كفيكِ، وأنت التي دفنتْ روحها في ثيابِ شهيدِها العتيقة..
وأنا الذي أستحي إنْ لمحتُ دمعَكِ عصفوراً ينقر الخدَّ كلّما جرَّحني السؤال ..
يا سيدتي لولا مِزَقٌ من قلبكِ المنخورِ باللوعاتِ لمَا كان لنا وطنٌ ولا أعيادٌ ولا أغانٍ تقدّسُ الجمال.
فأجملُ الأمهاتِ تلكَ التي دَقّتْ قلبها وتداً في صدرِ السماء.
قديسةٌ أنتِ في كلّ بيت..
ٍوحزنُك إلهٌ يبارك كلّ طفلٍ نما حتى غدا تراباً، واتسع لكل الذين آمنوا بأن أبناءَ الله من أرحامِ الامهاتِ الواقفاتِ على شرفاتِ الوطن.
مريمٌ أنتِ، وفي كلِّ حِين..
وبعضُكِ المصلوبِ على خشبِ الانتظار، يكحّلُ عيونَ كلِّ رافضٍ للتنازلِ عن وطنٍ لمّا يأتِ بعد.
يا مواسمَ شوقٍ ، تصدحُ ُ وجعاً كلّما تردّدَتْ تراجيعُ آذانِ الفجرِ.
يكفيكِ حباً أن النبوءَةَ تنبعثُ من شهقةِ الأمِّ بين الولادةِ والشهادةِ.
فلكلِّ نبيّ كتاب..
وأنتِ كتابٌ يشهدُ على نبوءةِ الوطنِ القادم، يبتدىءُ منكِ، لينتهيَ في شرايين الذين ينْمُون في التراب.
وأنت البدايةُ صوبِ اللهِ كلّما تصّعّدُ أجراسُ الإيمانِ حبًا وضياءً.
فما السماءُ لولا كمشةً من نارٍ ونورٍ ؛ نثرتِها بكفيك على رؤوسِ الصّاعدين إلى العلى؟
والأرضُ كلُّ الأرضِ من طحينِ رياحينِك، تُخَضِبُ وطنَ الصنوبرِ والأقحوان بالدمعِ والموتِ الأخضر..
فليس كلُّ موتٍ ربيعاً ، ولا ربيع إنْ لمْ يُعْشِبْ من صفعِ أمطارِ عينيكِ
في عيدِك يا أمُّ لكِ السجود شكراً على كلِّ حليبٍ سكبتِهِ في فمِ الوطن ، وعلى كلِّ دمٍ جَرّيتِهِ في سواقي الوطن، وعلى كلِّ مسيحٍ وهبتِهِ لقيامِةِ الوطن.
و لكِ منّا السلام على قبورٍ جعلتِها لنا مزاراتٍ نباهي بها فراديسَ الله.
عمر سعيد