تحت المجهر

حان وقت نهاية البلطجة على حقوق المسيحيين

بقلم تادي عواد

لم يعد مقبولًا بعد اليوم أن يستمر هذا النهج الوقح في مصادرة حقوق المسيحيين تحت عناوين “العيش المشترك” و”التوازن الوطني”، فيما الحقيقة أن ما جرى منذ اتفاق الطائف لم يكن سوى عملية منظمة للسطو على تمثيلهم ووجودهم ودورهم في الدولة.

فبعد توقيع اتفاق الطائف، انقضّ النظام السوري وعملاؤه على ما تبقّى من توازن وطني، وبدأوا بتزوير جوهر الاتفاق عبر التلاعب بعدد النواب وتوزيعهم. فبدل أن يكون التمثيل عادلًا وفق النص، جرى تفصيله بما يضمن تحكّم محور الوصاية السورية بمفاصل المجلس النيابي. كانت تلك أولى خطوات الإلغاء السياسي الممنهج بحق المسيحيين.

ثم تلا ذلك قانون التجنيس المشؤوم، الذي فتح أبواب لبنان أمام عشرات الآلاف من السوريين والفلسطينيين، غالبيتهم في المناطق المسيحية تحديدًا، بهدفٍ واضح ومكشوف: تغيير ديموغرافية الأرض والمجتمع، وكسر الثقل المسيحي في مناطقه التاريخية.

ولم يكتفِ محور الوصاية بذلك، بل أنتج قوانين انتخابية مفخخة صُمّمت خصيصًا لتذويب الصوت المسيحي داخل كتل طائفية ضخمة، تُفرغ التمثيل من معناه، وتحوّل الانتخابات إلى مسرحية نتائجها معروفة سلفًا.

ومع اقتراب نهاية المرض العوني، الذي خدم النظام السوري ومن بعده الإيراني، لا بدّ من وقفة حقيقية لإعادة تصويب البوصلة. فهذا التيار الذي رفع شعار “استعادة الحقوق” سلّمها بالكامل للمحور نفسه الذي صادرها، ومنح الطائفة الشيعية، بغطاء “تحالف مار مخايل”، القدرة على الهيمنة على لبنان وسلطاته ومؤسساته.

اليوم، ومع سقوط الأقنعة، حان وقت تصحيح المسار — لا عبر الشعارات، بل من خلال إعادة نظر جذرية في قانون الانتخابات، لتصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بالمسيحيين منذ زمن الطائف، وإنهاء مرحلة البلطجة السياسية التي مارسها النظامان السوري والإيراني بأدوات لبنانية عميلة ومأجورة.

والتصحيح الحقيقي لا يكتمل من دون إعطاء المغتربين حقّهم الكامل في التصويت، أولئك الذين هُجّروا من لبنان قسرًا بفعل الاحتلالين السوري والإيراني، وهم اليوم رأس الحربة في معركة استعادة الكرامة الوطنية ووقف التزوير الديموغرافي والسياسي.

لقد آن أوان أن تنتهي البلطجة والإرهاب على حقوق المسيحيين، وأن يُعاد بناء الدولة على أساس العدالة والمساواة، لا على قاعدة الغلبة والابتزاز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى