إحالة مدير الـCIA السابق جون برينان للتحقيق بتهمة الكذب على الكونغرس

بقلم تادي عواد
أحالت لجنة القضاء في مجلس النواب الأمريكي مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، جون برينان، إلى وزارة العدل الأمريكية للتحقيق معه جنائيًا بتهمة الإدلاء بشهادات كاذبة أمام الكونغرس. وتأتي هذه الخطوة في خضم الجدل المستمر حول التحقيقات المتعلقة بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
خلفية القضية
ترجع جذور هذه القضية إلى جلسة استماع عقدتها لجنة القضاء في مايو 2023، حيث أدلى برينان بشهاداته حول دور وكالة الاستخبارات المركزية في إعداد تقييم المجتمع الاستخباراتي (ICA) لعام 2017، والذي تناول مزاعم حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لصالح دونالد ترامب.
خلال شهادته، نفى برينان أن تكون الوكالة قد استخدمت ملف ستيل (Steele dossier)، وهو تقرير استخباراتي جمعه المحلل البريطاني كريستوفر ستيل، يحتوي على مزاعم عن علاقات مزعومة بين حملة ترامب وروسيا، في تقييم الوكالة. وقال برينان: “لم أكن متورطًا في تحليل الملف على الإطلاق”، كما نفى أن تكون الوكالة قد عارضت إدراج محتويات الملف في التقييم.
ملف ستيل: ما هو؟
ملف ستيل هو تقرير جمع معلومات استخباراتية عن حملة ترامب وعلاقته المفترضة بروسيا. تم إعداده عام 2016 بواسطة كريستوفر ستيل بناءً على طلب شركة Fusion GPS، واحتوى على عدة مزاعم:
التدخل الروسي: تعاون مزعوم بين حملة ترامب وروسيا للتأثير على نتائج الانتخابات.
اتصالات سرية: معلومات عن لقاءات واتصالات بين مسؤولين روس وحملة ترامب.
سلوكيات شخصية: مزاعم عن سلوكيات غير قانونية أو مشبوهة تخص ترامب وحلفاءه.
الملف كان يحتوي على معلومات من مصادر روسية ومخبرين مجهولين، ولم يتم التحقق من جميع المعلومات بشكل مستقل، مما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيديه ومنتقديه.
الأدلة المتناقضة مع شهادات برينان
كشفت الوثائق التي ظهرت لاحقًا أن تصريحات برينان قد تكون غير دقيقة، حيث أظهرت أن أحد موظفي وكالة الاستخبارات أعد ملحقًا يحتوي على ملخص من ملف ستيل، وأن برينان وجيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك، قررا تضمين معلومات من هذا الملف في التقييم، متجاهلين اعتراضات كبار موظفي الوكالة.
بناءً على ذلك، اعتبرت لجنة القضاء أن برينان قد أدلى بشهادات كاذبة عمدًا، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الفيدرالي الأمريكي ويعرضه للمساءلة الجنائية.
السياق السياسي
تأتي هذه الإحالة في وقت حساس سياسيًا، إذ يُعتبر برينان من أبرز منتقدي الرئيس السابق دونالد ترامب، وكان مشاركًا في صياغة تقييمات الاستخبارات التي كانت جزءًا من التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي. ويرى البعض أن هذه الخطوة قد تكون مدفوعة بدوافع سياسية، خصوصًا مع التوتر بين الجمهوريين والديمقراطيين حول ملف التدخل الروسي، ما يجعل القضية محط جدل سياسي وإعلامي واسع.
الإجراءات القانونية المقبلة
من المتوقع أن تبدأ وزارة العدل الأمريكية تحقيقًا رسميًا في هذه القضية، وإذا ثبت تورط برينان في الإدلاء بشهادات كاذبة، قد تُوجَّه له تهم جنائية. في حال توجيه التهم، قد يواجه محاكمة في محكمة فيدرالية، مع إمكانية فرض غرامات أو السجن وفق القانون الفيدرالي.
الخلاصة
قضية إحالة جون برينان تمثل نقطة مفصلية في العلاقة بين التحقيقات الاستخباراتية والسياسة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالجدل حول تدخل روسيا في الانتخابات 2016. القضية تجمع بين عناصر سياسية، قانونية واستخباراتية، ويُتوقع أن يكون لها تأثير طويل الأمد على المشهد السياسي الأمريكي وعلى ثقة الجمهور في مؤسسات الاستخبارات.