السيّد: ذاكرة سوداء تتحسّس من الحبر الحرّ

بقلم: ساميا خدّاج
من يقرأ ردّ اللواء جميل السيّد على مقالة الدكتور هشام بو ناصيف في “نداء الوطن”، يُهَيّأ له أنّنا أمام تاريخ سياسي عريق من الحرص على الدستور وحرية الرأي، إنما الواقع أنّنا أمام احد رموز مرحلة لبنان السوداء بين جربوع من هناك ووصاية من هنا واغتيالات سياسية.
غاب عن جميل السيد وقاحة ناشطي واعلاميي محور ايران في تطاولهم على فخامة الرئيس من جهة، والتخوين والاستهزاء من رئيس الحكومة من جهة، ليصبّ غضب يثير التساؤل: هل تحسّس السيّد من ذِكر عهد لحّود كان فيه هو رأس جهازه الأمني، أم تحسّس من تنشيط بو ناصيف لذاكرة لبنانيين يحاول هو طمسها حول جريمة اغتيال رفيق الحريري، وكل ما تبعها من دماء وحروب أمنيّة عاشها لبنان تحت قبضة الحرس القديم؟
من يتطاول على الحبر الحرّ اليوم، هو نفسه جعل عهد لحّود أقرب لمحميّة اسديّة أمنيّة، باعتقال الأجهزة لطلّاب وناشطين وكتم الأفواه، قبل أن تهتزّ الأرض تحت نعالهم في 14 شباط 2005. فهل ازعجه “ارحل” أم تذكير بو ناصيف للبنانيين أنّ العسكر في لبنان ليسوا “بعد الله ولبنان”، بل كان معظمهم دومًا بعد النظام الاسدي وميليشياته وشبّيحته؟
مقال هشام بو ناصيف توصيف واقع وعقلية الانقلاب الناعم على الدولة، المترسّخ ببيان وزارة الدفاع، وتحذير من تحوّل الجيش لأداة سياسية كما تحوّل في عهد لحّود لأداة بيد الوصاية الأسدية، وهذا جُلّ ما اغضب اللواء الضليع في القراءة بين سطور ماضيه وحاضره.
وأما مطالبة اللواء النيابة بملاحقة بو ناصيف بعد نعته بالجربوع، متناسيا زملائه في النيابة من مطلوبين للتحقيق..معاقبين دوليا بالفساد.. وميليشيا خارجة عن القانون..فوقاحة !
حرية الرأي في لبنان ليست منحة لا من جنرال ولا لواء ولا سيّد، بل حقّ دستوري، و السلاح الأخير لشعب مقموع..منهوب.. فُجِّرت عاصمته به..يقتَل بادوية مزورة حينا ولحوم فاسدة حينا ونفق سلاح حينا..وإذا كان السيّد يرى في القلم تهديدًا، فلأنّ القلم يجرّد كثر مما تبقّى لهم من قدرة لتزوير ذاكرة وطمس واقع.
ـ فالتحيّة للدكتور هشام بو ناصيف
ـ التحية لمن يجيد النقد البنّاء حرصاً..لا عبثاً
ـ التحية لحبر حرٍ، يدوّن ما يخشاه آخرون: بالكلمة الحرّة ندافع عن لبنان، الذي عبثوا به خرابا، بأنفاقِ مافيا وميليشيا مفخخة…!