وزير الاتصالات شارل الحاج… قرار جريء يضع حدّاً لسنوات الهدر في قطاع الاتصالات

بقلم تادي عواد
في خطوة طال انتظارها، أصدر وزير الاتصالات شارل الحاج قراراً يقضي بخفض سقوف الرواتب في شركتي الاتصالات “ألفا” و”تاتش” إلى حدود 10 آلاف دولار شهرياً، بعدما وصلت في السنوات الماضية إلى أرقام خيالية تخطّت 19 ألف دولار لبعض المديرين، في حين لم يكن متوسط راتب الموظف العادي يتجاوز 3 آلاف دولار.
قرار إصلاحي في مواجهة منظومة الهدر
قرار الوزير ليس إجراءً شكلياً، بل إصلاح جذري يضع حداً لنهج طويل من الهدر وسوء الإدارة في واحد من أكثر القطاعات ربحية في لبنان. فقد أكدت تقارير ديوان المحاسبة والمنظمات الدولية، بالأرقام، أن:
تكلفة الرواتب في شركتي الاتصالات ارتفعت بين عامي 2010 و2018 بنسبة 149%، من 21 مليون دولار إلى 54 مليون دولار سنوياً.
عدد الموظفين ازداد بشكل غير مبرَّر، حيث ارتفع في “ألفا” بنسبة 72.6% وفي “تاتش” بنسبة 54.3%، وغالبيتهم عبر التوظيف السياسي.
أكثر من 110 ملايين دولار صُرفت على الإعلانات والرعايات خلال ثماني سنوات، بدل استثمارها في تطوير الشبكة والبنية التحتية وتحسين الخدمة.
العدالة في توزيع الرواتب
من غير المنطقي أن يتقاضى مدير في شركة اتصالات مملوكة للدولة أكثر مما يتقاضاه رئيس الجمهورية أو قائد الجيش، في حين يعاني الموظفون العاديون من تآكل رواتبهم بفعل الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة الوطنية. ويهدف قرار الوزير إلى:
تصحيح الخلل البنيوي بين الرواتب العليا والدنيا.
وقف الامتيازات غير المبرَّرة التي كانت تُمنح للقيادات.
تأمين وفر مالي يُعاد استثماره في تحديث البنية التحتية وخفض كلفة الخدمة على المواطن.
دفاع عن المال العام
يدرك الوزير الحاج أن قطاع الاتصالات أحد أعمدة المالية العامة، وأن استمراره كأداة للهدر والمحسوبيات يشكّل خطراً على خزينة الدولة. ومن هنا، فإن قراره بتخفيض سقوف الرواتب يبعث رسالة واضحة بأن عهد التسويات والمحسوبيات انتهى، وأن زمن المساءلة والشفافية قد بدأ.
الخلاصة
هذا القرار لا يستهدف الموظفين ولا يسعى إلى تقليص حقوقهم، بل يوجَّه نحو النخبة الإدارية التي راكمت امتيازات على حساب المصلحة العامة. ومن هنا، فإن موقف الوزير يستحق دعماً شعبياً وإعلامياً، لأنه يضع مصلحة اللبنانيين فوق مصالح المحسوبيات الحزبية والصفقات الضيقة.
لقد فتح وزير الاتصالات الباب، والكرة اليوم في ملعب باقي الوزراء والحكومة: هل يملكون الجرأة على اعتماد الخطوة نفسها في وزاراتهم ومؤسساتهم، أم سيبق الإصلاح مجرّد تصريحات ووعود؟