تحت المجهر

الشعب اللبناني بين إرهابين: مطرقة العدو وسندان حزب الله

لم يعد الشعب اللبناني يعيش بين خيارين، بل بين إرهابين متكاملين في التدمير ومتناقضين في الشعارات: إرهاب العدو الإسرائيلي، وإرهاب “حزب الله”. كلاهما يتغذّى من الآخر، ويبرّر وجوده بوجود عدوه، في حلقة جهنمية لا خلاص منها.

تدّعي إسرائيل أن عملياتها التدميرية في لبنان موجهة ضد “البنية التحتية لحزب الله”، لكنها في الواقع تمارس عقابًا جماعيًا ضد الشعب اللبناني: تدمّر البنية المدنية، تحاصر اقتصاد البلد، وتزرع الرعب فوق رؤوس الناس، وكل ذلك بذريعة “حماية أمنها القومي” من نشاطات الحزب.

لكن، في المقابل، لا يقل “حزب الله” خطرًا وتهديدًا. فبحجة “المقاومة”، يكدّس السلاح في المناطق المدنية، ويختطف القرار السيادي اللبناني، ويجرّ البلد من أزمة إلى أخرى. لم يستطع بسلاحه حماية لبنان، بل صار السبب المباشر لدماره، وعزلته، وانهياره. سلاحه تحوّل إلى أداة هيمنة داخلية وتخويف للخصوم، أكثر منه أداة ردع خارجي.

والنتيجة؟ شعب أعزل، مسحوق بين نارين: لا هو قادر على مواجهة عدو خارجي يفوقه عدةً وعتادًا، ولا هو قادر على التخلص من قبضة تنظيم داخلي يحتكر السلاح ويصادر إرادته. شعب يُطالَب بالصبر، بالصمود، وبالتحمّل، فيما تُداس كرامته يوميًا تحت أقدام المساومات الإقليمية والولاءات العابرة للحدود.

“حزب الله” ليس “درع الوطن”، كما يزعم، بل هو القيد الذي يكبّله، والعذر الذي تمنحه إسرائيل لنفسها لتضرب وتقتل وتدمّر. أما إسرائيل، فليست “الخطر الوحيد”، بل إحدى تجليات المأساة التي يعيشها لبنان في ظل انعدام القرار الوطني وتآكل الدولة.

في النهاية، وحده المواطن يدفع الثمن: في الكهرباء، في الدواء، في المدرسة، في بيته المهدد بالقصف، وفي وطنه الذي يتحوّل تدريجيًا إلى ساحة صراع لا مكان فيها للعيش الكريم.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى