سجينات إيفين… صرخة الحرية من خلف القضبان وتحوّل السجن إلى منصة مقاومة

مشهد غير مسبوق: أصوات النساء تزلزل جدران القمع
في صباح الثلاثاء 27 مايو/أيار 2025، شهد عنبر النساء في سجن إيفين مشهداً استثنائياً أعاد تعريف معنى المقاومة في قلب آلة القمع الإيرانية.
في أسبوعها السبعين، أطلقت حملة “ثلاثاء لا للإعدام” شرارة جديدة من التحدي، حين صدحت حناجر السجينات السياسيات بشعارات قوية لم تكتفِ برفض الإعدام، بل أعلنت العصيان على ثقافة الموت التي يحاول النظام فرضها.
هتافات مثل “قسماً بدماء الرفاق، صامدون حتى النهاية!” و”عنبر النساء في إيفين، بصوت واحد وعلى عهد واحد، صامدات حتى إلغاء حكم الإعدام!” لم تكن مجرد احتجاج رمزي، بل كانت إعلاناً عن ولادة جبهة مقاومة جديدة داخل السجون، جبهة تقودها النساء هذه المرة.
هذه الشعارات لم تقتصر على سرد معاناة السجينات، بل حملت في طياتها رسائل تهديد للنظام: “إذا أعدمتم، ستقوم القيامة!”، و”القمع، الإعدام، التهديد، لم يعد يجدي نفعاً!”.
إنها رسالة واضحة بأن سياسة الترهيب لم تعد قادرة على إسكات الأصوات الحرة، وأن كل عملية إعدام ستقابل بعاصفة من الغضب والتضامن الشعبي.
من السجن إلى الشارع: تلاحم الحراك داخل الزنازين وخارجها
ما يميز هذه الخطوة الجريئة هو تزامنها مع موجة احتجاجات خارج السجون، حيث نظمت عائلات المحكومين بالإعدام وقفات أمام الهيئات القضائية، وامتدت حملة “ثلاثاء لا للإعدام” لتشمل إضرابات عن الطعام في 45 سجناً بمختلف أنحاء البلاد.
هذا التلاحم بين الداخل والخارج يعكس تطوراً نوعياً في حركة المقاومة: لم يعد السجن حاجزاً بين السجين والمجتمع، بل أصبح منصة لإطلاق صرخة الحرية.
إن إصرار السجينات على الهتاف بأسماء رفاقهن المحكومين بالإعدام، ودعمهن العلني للحراك الشعبي، يؤكد أن السجون لم تعد أماكن كسر الإرادة، بل تحولت إلى مدارس لتخريج قادة الرأي وصانعي التغيير.
شعار “حكومة الإعدامات يجب أن تزول!” لم يعد مطلباً فردياً، بل أصبح شعاراً وطنياً يرفعه كل من يرفض ثقافة القمع والموت.
أثر الحراك النسوي في قلب النظام… ونهاية ثقافة الرعب
إن ما قامت به سجينات إيفين هو تجسيد حي للتحول العميق في المجتمع الإيراني، حيث باتت المرأة في طليعة النضال، تقود الحراك وتلهم الأجيال الجديدة.
شعار “الرأس قد يذهب، الروح قد تذهب، لكن الحرية لن تذهب أبداً!” يلخص فلسفة جيل جديد لا يخشى الموت، ويؤمن بأن الحرية أغلى من الحياة نفسها.
سياسة الإعدامات الجماعية التي اعتمدها النظام لعقود لم تعد قادرة على كسر شوكة المقاومة.
بل على العكس، كل عملية إعدام جديدة تؤدي إلى اتساع دائرة التضامن، وتدفع حتى من هم في قلب السجون إلى تحدي الجلادين ورفع الصوت عالياً.
لقد تحولت سياسة الإرهاب إلى سلاح يرتد على النظام نفسه، ويكشف عجزه عن السيطرة على مجتمع بات أكثر جرأة وتصميماً على التغيير.
صدى دولي متزايد… ودعم متنامٍ لحملة “لا للإعدام”
تحرك سجينات إيفين لم يمر دون صدى دولي.
مراكز حقوق الإنسان والمنظمات الدولية سارعت إلى إدانة سياسة الإعدامات ودعم الحراك النسوي داخل السجون، فيما تزايدت الأصوات في البرلمانات الأوروبية والأمريكية المطالبة بوقف الإعدامات والإفراج عن السجناء السياسيين.
حملة “ثلاثاء لا للإعدام” أصبحت مرجعية لكل من يطالب بإيران خالية من العنف، وتحولت إلى رمز عالمي للنضال ضد ثقافة الموت.
اليوم، تقف إيران أمام مفترق طرق: إما الاستمرار في طريق القمع والإعدامات، أو الانصياع لإرادة شعب يطالب بالحياة والحرية.
سجينات إيفين أثبتن أن الحرية تبدأ من قلب الزنازين، وأن صوت امرأة واحدة قادرة على إشعال ثورة في مجتمع بأكمله.
إنه زمن الشجاعة، زمن النساء اللواتي يكتبن تاريخاً جديداً لإيران، ويؤكدن أن الظلم لا يدوم، وأن النصر حليف من لا يخشى التضحية من أجل الكرامة والعدالة.