ترامب في القمّة الخليجية – الأميركية: لحظة لبنان التي لا تتكرّر

بقلم تادي عواد
في تصريحٍ لافتٍ أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال القمة الخليجية – الأميركية، وصفَ لبنان بأنه أمام “فرصة تأتي مرّةً في العمر” ليكون مزدهرًا وفي سلامٍ مع جيرانه، مؤكدًا أنّ هذه اللحظة التاريخية تتيح له التحرر من قبضة “حزب الله”. عبارة تختصر تحوّلات كبرى، وتستوجب قراءة دقيقة في ضوء المشهدين الإقليمي والداخلي.
أولاً: ما وراء كلام ترامب في قمة عربية – أميركية
كلام ترامب في هذا التوقيت، ومن منبر خليجي، يتجاوز المجاملة الدبلوماسية. إنه تحوّل في الخطاب الأميركي نحو لبنان، يحمل رسائل ثلاث:
إلى الخليج: دعوة مباشرة لإعادة احتضان لبنان سياسيًا وماليًا، شرط تحجيم نفوذ حزب الله.
إلى لبنان الرسمي: إشارة إلى استعداد واشنطن للانخراط في دعم سياسي واقتصادي شامل، إذا ما التزمت بيروت بقطع الحبل السري مع منظومة “الممانعة”.
إلى محور إيران: إن زمن السكوت عن تسلّط حزب الله على القرار اللبناني قد شارف على نهايته.
ثانيًا: لبنان بين قبضة الحزب ونافذة الانعتاق
كلام ترامب ليس مفتوح الأجل، بل مشروط ومحكوم بسقف زمني ضيّق. “فرصة تأتي مرة في العمر” تُترجم سياسيًا إلى نافذة استراتيجية لا تتكرّر، تشكّلت بفعل:
تراجع المشروع الإيراني في الإقليم.
تبدّل أولويات المنطقة نحو الاستقرار والتنمية.
انكشاف لبنان كرهينة في يد قوة غير شرعية.
التحرر من هذه القبضة لا يقتضي حربًا، بل يتطلب:
إعادة تشكيل التوازنات السياسية الداخلية.
قطع شرايين التمويل والشرعية الخارجية للحزب.
استنهاض دور الجيش اللبناني كرافعة للسيادة.
ثالثًا: جوزيف عون في مفترق الخيارات
حين يُذكر اسم رئيس الجمهورية جوزيف عون في هذا السياق، فإنها ليست صدفة بل رسالة مشفّرة: هذه الفرصة بحاجة إلى رئيس يُدرك حجم الفخاخ لا أن يقع فيها.
نبيه بري، لاعب النظام العميق، يسعى إلى استبقاء “الطائف المعدّل” لصالح منظومة المحاصصة.
حزب الله، يرفض أي توازن سلطوي خارج مشروع “السلاح – القرار”.
مستشارون (كجان عزيز)، يُشتبه في دورهم كممرّات لخيارات رمادية تُفرغ أي مشروع سيادي من مضمونه.
رابعًا: لحظة القرار اللبناني
لبنان يقف اليوم بين مشروعين:
مشروع الدولة: ذات السيادة والانفتاح، بدعم عربي وغربي، وجيش وطني قادر.
مشروع الدويلة: التابعة لمحور طهران، المتغذّية من الانهيار والفوضى والفراغ.
الكرة في ملعب الداخل، لا الخارج. والرهان على وعي النخبة السياسية والعسكرية بأن اللحظة لن تعود. فمن لا يلتقط الفرصة، سيُعيد عقارب الساعة إلى زمن الانهيار.