إيران والمتاجرة بعملائها: كيف باعت طهران أذرعها الإقليمية؟

روحاني يكشف المستور: دور الحرس الثوري في تسليم المغسّل وخلية العبدلي وإحراق السفارة السعودية
بعد مرور عقدٍ كامل على توقيع الاتفاق النووي عام 2015، كشف الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، خلال مقابلة مع صحيفة “إيران” الحكومية، تفاصيل غير معروفة عن أحداث بارزة وقعت آنذاك، والتي يُعتقد أنها كانت تهدف إلى عرقلة الاتفاق النووي بين طهران والقوى الكبرى.
خلية العبدلي: طهران تبيع “حزبها” للأمن الكويتي
في عام 2015، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن تفكيك “خلية العبدلي”، التي اتُهمت بالتآمر مع إيران وحزب الله لتنفيذ عمليات إرهابية. وأسفرت التحقيقات عن توجيه تهم بالتخابر إلى 25 كويتياً وإيراني واحد، مع ضبط كميات هائلة من الأسلحة والمتفجرات.
ما لم يكن معروفًا في ذلك الوقت، وفقًا لما كشفه روحاني، هو أن الحرس الثوري الإيراني كان وراء تسليم أعضاء الخلية وأسلحتها للأمن الكويتي. هذه الخطوة، التي بدت وكأنها تعاون أمني، قد تكون في الواقع جزءًا من لعبة سياسية معقدة، ضحّت فيها طهران بحلفائها الإقليميين لتحقيق مصالحها العليا.
المغسّل: من حماية دامت 19 عامًا إلى تسليم مفاجئ
أحمد المغسّل، العقل المدبّر لتفجير أبراج الخبر في السعودية عام 1996، الذي أسفر عن مقتل 19 جنديًا أمريكيًا وإصابة 500 شخص، أمضى قرابة عقدين في الحماية الإيرانية. إلا أن هذه الحماية لم تكن دائمة، حيث تم تسليمه في عام 2015 إلى السعودية في صفقة لم تُكشف تفاصيلها بالكامل.
اللافت أن صحيفة “الأخبار” الموالية لإيران شنت حملة شرسة ضد “فرع المعلومات” اللبناني بعد عملية التسليم، وهو ما فُسّر على أنه مؤشر إلى أن هذا القرار أثار مخاوف داخل الدوائر الإرهابية المرتبطة بإيران، خاصةً أن التخلي عن المغسّل قد يكون جزءًا من تفاهمات مع واشنطن وليس فقط مع الرياض.
إحراق السفارة السعودية: مؤامرة داخلية لإفشال الاتفاق النووي؟
لطالما ساد الاعتقاد بأن الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد في يناير 2016 كان ردًّا شعبيًا على إعدام الشيخ نمر النمر في السعودية. لكن تصريحات روحاني الأخيرة تنسف هذه الرواية، حيث أشار إلى أن الهدف الحقيقي من تلك الأحداث لم يكن نصرة النمر، بل ضرب الاتفاق النووي من الداخل عبر افتعال أزمة دبلوماسية مع الرياض.
إيران والتضحية بالحلفاء: استراتيجية البقاء بأي ثمن
من تسليم المغسّل إلى إحراق السفارة، يبدو أن إيران لا تتردد في التضحية بوكلائها عندما تقتضي مصلحتها ذلك. تصريحات روحاني تلقي بظلالٍ من الشك على مصير شخصيات أخرى مثل عماد مغنية، مصطفى بدر الدين، وأنيس نقّاش، وحتى حسن نصرالله نفسه. فهل كانت هذه التصفيات جزءًا من ذات اللعبة؟ أم أن “التشدد” داخل إيران يمتلك أجندته الخاصة التي لا تتوانى عن حرق الأذرع التي طالما استخدمتها طهران لتنفيذ أجنداتها الإقليمية؟
الأكيد أن ما كشفه روحاني يطرح أسئلة أكثر مما يقدّم إجابات، لكنه يؤكد مجددًا أن “الولاء” في قاموس إيران ليس إلا ورقة تفاوض تُرمى عند انتهاء صلاحيتها.