عندما يصبح الغباءُ إستراتيجيةً، والموتُ ثمنَ الولاء
![](https://i0.wp.com/marsadnews.net/wp-content/uploads/2025/02/216-162104-lebanon-israel-return_700x400.jpg?resize=768%2C439&ssl=1)
عندما يخطئ الإنسانُ مرّة، يمكننا أن نبرّر جهله أو تهوّره، لكن عندما يكرّر الخطأَ نفسه مرارًا، يصبح إما أحمقًا لا يتعلّم، أو عبدًا مسلوبَ الإرادة يُساق نحو الهلاك دون وعي. وهذا تمامًا حالُ جمهورِ “الثنائي الشيعي”، الذين يُدفعون إلى المحرقة بذريعة “المقاومة”، بينما قياداتُهم تقف في الخلف، تراقب المشهد وتحصد المكاسب الإعلامية الرخيصة على حساب دماء الأبرياء.
ما الذي جرى اليوم في حولا؟
اليوم، أقدم أهالي بلدةِ حولا على خرق حاجزِ الجيش اللبناني والساترِ الترابي، متّجهين نحو البلدةِ التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي. لم يكن هذا التحركُ “عفويًا”، بل كان نتيجةَ تحريضٍ مباشرٍ من أبواقِ “الثنائي”، الذين جعلوا من هؤلاء المدنيين وقودًا لمعركةٍ خاسرة، وهم يدركون مسبقًا أن نتيجتَها الوحيدة ستكون سقوطَ ضحايا بلا أيّ مكسبٍ عسكريٍّ أو سياسيٍّ يُذكر.
وكما هو متوقّع، لم تتردّد إسرائيلُ في إطلاق النار، فقتلتْ مواطنةً، وجرحت آخرين، وخطفت خمسةَ مدنيين. سيناريو مكرّر: قياداتٌ تحرّض، جمهورٌ يُساق كالنعاج، وإسرائيلُ تردّ كما تفعل دائمًا، بينما الدولةُ اللبنانيةُ تقفُ عاجزةً.
التاريخ يعيد نفسه…
هذه ليستِ المرّةَ الأولى التي يسقط فيها أبرياءُ لا ذنبَ لهم سوى أنهم وثقوا بقياداتِهم الحزبية، كما حدث في نهايةِ المهلةِ المحدّدة بـ 60 يومًا للانسحابِ الإسرائيليّ من جنوب لبنان، عندما واجهت قواتُ الاحتلالِ تجمّعاتِ الأهالي العائدين بالرصاص، فسقط 13 قتيلًا و83 جريحًا.
المفارقة أن الإسرائيليين حذّروا المدنيين من الاقتراب، لكن “الثنائي” أصرّ على إرسالِهم إلى حتفِهم، كما لو كان الهدفُ ليس تحريرَ الأرض، بل خلقَ “مشهديةٍ” يمكن استثمارُها إعلاميًّا.
إنّ تحويلَ المدنيين إلى دروعٍ بشريةٍ ليس بطولة، بل خيانة. وإنّ التواطؤَ على قتل الأبرياء، سواءٌ عن سابقِ تخطيطٍ أو نتيجةَ غباءٍ سياسيّ، جريمةٌ لا تقلّ بشاعةً عن الاحتلال نفسه. ولكنّ المأساةَ الكبرى هي أنّ جمهورَ “الثنائي” لم يتعلّم شيئًا، وما زال يقدّم أبناءَه قرابينَ على مذبحِ الشعاراتِ الجوفاء، بينما قياداتُه تواصل المتاجرةَ بالموت، متحصّنةً في بروجِها العاجية.
متى يدرك هؤلاء أن العبوديةَ الطوعيةَ أكثرُ إذلالًا من الاحتلال؟