تحت المجهر

الموت المجاني على مذبح الغباء السياسي

بقلم تادي عواد –

أعلنت وزارة الصحة العامة عن سقوط 22 شهيدًا و124 جريحًا، بينهم 12 سيدة، في حادثة ليست إلا انعكاسًا صارخًا لفشل القيادة السياسية وتلاعبها بدماء الأبرياء. هؤلاء الضحايا لم يسقطوا في معركة تحرير ولا في مواجهة محتومة لتحقيق هدف سامٍ، بل ذهبوا بلا سبب، بلا أفق، وبلا نتيجة تُذكر، سوى تكريس مشهد العبث واللامبالاة بأرواح الناس.

ما هو الهدف من إرسال أبناء الجنوب لمواجهة العدو الإسرائيلي في بلدات ما زال يحتلها؟ لا شيء. الإسرائيليون بقوا في مواقعهم، ولم يتغير شيء على أرض الواقع. إذن، لماذا تُهدر الدماء بهذا الشكل الساذج؟ الإجابة بسيطة ومؤلمة: الغباء السياسي والطموحات الضيقة التي ترى في التضحية بالدماء وسيلة لتعزيز نفوذها وإثبات وجودها، حتى لو كان الثمن هو أرواح الأبرياء.

العودة إلى هذه المناطق لن تتحقق إلا عبر تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، وليس عبر تقديم الأبرياء كقرابين على مذبح السياسة الطائشة. ما حدث يُظهر بشكل جلي غياب أي رؤية أو استراتيجية واقعية لدى القيادة التي دفعت بهؤلاء الأبرياء إلى مواجهة آلة القتل الإسرائيلية. هذه الأرواح التي أُزهقت هي في رقبة الثنائي الشيعي، الذي جعل من دماء الناس وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية وشعبوية.

لا يمكن التغاضي عن هذه الجريمة السياسية، ولا يمكن القبول بتكرارها تحت أي ذريعة. من حق الشعب أن يُحاسب القيادات التي تتاجر بدمائه، وأن يرفع الصوت عاليًا ضد هذا العبث المتكرر. إن المسؤولية الوطنية تقتضي حماية أرواح الناس، وليس التضحية بها لتحقيق مكاسب واهية.

ما جرى اليوم يجب أن يكون نقطة تحول، ليس فقط في مواجهة الاحتلال، بل في مواجهة القيادات التي تعيش على دماء الأبرياء وتقتات على أحزانهم. لن تتغير المعادلة طالما بقي هذا الغباء السياسي يقودنا نحو الهاوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى