تحت المجهر

اربطوا الأحزمة… الدولار في طريقه للتحليق مجددًا

بقلم تادي عواد –

لم تدم فرحة اللبنانيين طويلًا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس حكومة يتمتع بسمعة نظيفة ورؤية إصلاحية. سرعان ما تبددت هذه الآمال على أعتاب المساومات السياسية، حيث فرض الثنائي الشيعي شروطه المكررة، وعلى رأسها الاحتفاظ بوزارة المالية كشرط أساسي لتشكيل الحكومة. وأمام هذه الضغوط، رضخ الرئيس المكلف، فتلاشت أحلام اللبنانيين بمستقبل أفضل، وعاد البلد إلى دوامة الانهيار، استعدادًا لموجة جديدة من الارتفاع الجنوني في سعر الدولار.

وزارة المالية: مفتاح التحكم ومصدر الانهيار

منذ أن أحكم الثنائي الشيعي قبضته على وزارة المالية، تعرض الاقتصاد اللبناني لتدمير منهجي. الدولار، الذي كان يُفترض استخدامه لدعم الاقتصاد المحلي، اختفى من الأسواق ليُهرّب إلى الأنظمة الحليفة في سوريا وإيران. وكانت النتيجة انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا وسرقة أموال المودعين بذريعة دعم السلع الأساسية.

وزارة المالية ليست مجرد حقيبة وزارية، بل هي المحرك الأساسي للعجلة الاقتصادية. دورها المحوري في إعداد الموازنات، التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإدارة المساعدات الخارجية، جعلها هدفًا رئيسيًا لمن يسعى للتحكم بمصير لبنان الاقتصادي.

وزارة المالية: كنز يدر الذهب

تلعب وزارة المالية دورًا حيويًا في التنسيق مع المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لجلب المساعدات والقروض، إلى جانب إدارة أموال الدول المانحة المخصصة لتمويل المشاريع التنموية. هذه الأهمية جعلتها بمثابة دجاجة تبيض ذهبًا بالنسبة للثنائي الشيعي، الذي استغل هذا النفوذ للاستحواذ على الأموال الخارجية بعد استنزاف ما تبقى من احتياطات الدولار في السوق المحلي عبر عمليات تهريب منظمة.

عودة العقوبات القصوى: سيناريو قديم يتجدد

مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يستعد العالم لمرحلة جديدة من العقوبات المشددة على إيران. وكما حدث في ولايته السابقة، ستسعى إيران لاستنزاف الدول الواقعة تحت نفوذها، وعلى رأسها لبنان، لتأمين العملات الصعبة.

من يستطيع نسيان مشاهد أسواق الصرافة في البقاع والضاحية الجنوبية، وهي تعج بعمليات شراء الدولار بهدف تهريبه إلى إيران؟ هذا السيناريو يبدو أنه سيتكرر قريبًا، مما يهدد بارتفاع غير مسبوق في سعر الدولار وسط شح السيولة وانهيار قيمة الليرة اللبنانية.

الهيمنة المالية الإيرانية على لبنان

بعد انهيار النفوذ الإيراني في سوريا نتيجة سقوط نظام الأسد، أصبح لبنان والعراق بمثابة الرئة الاقتصادية الوحيدة للنظام الإيراني في مواجهة العقوبات الأمريكية. هذا الاعتماد المفرط على لبنان حوّله إلى ساحة مفتوحة للاستغلال الاقتصادي والسياسي، مما زاد من تفاقم أزماته الاقتصادية والاجتماعية، وجعل الشعب اللبناني رهينة للمصالح الإقليمية.

أين اختفت الـ17 مليار دولار؟

في عهد الرئيس السابق ميشال عون، وبينما كان لبنان يعلن إفلاسه، تم الكشف عن وجود 17 مليار دولار في خزائن مصرف لبنان. لكن هذه الأموال لم تُستخدم لإنقاذ الاقتصاد، بل جرى تهريبها تحت غطاء دعم السلع الأساسية، ليستفيد منها شبكات التهريب المرتبطة بالثنائي الشيعي. وكانت النتيجة انهيارًا اقتصاديًا شاملًا ترك اللبنانيين يواجهون تداعياته وحدهم.

خاتمة: لبنان يدفع الثمن

ما يشهده لبنان اليوم هو نتيجة مباشرة لسياسات الارتهان والجشع التي مارسها الثنائي الشيعي، حيث أُعطيت الأولوية لمصالح إيران على حساب مصلحة الوطن. ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يستعد الدولار للتحليق من جديد، بينما يبقى الشعب اللبناني غارقًا في مستنقع الفقر والانهيار.

لبنان يدفع اليوم ثمن رهانات سياسية خاطئة. لن تتحقق أي انفراجة إلا بكسر حلقة الفساد والمحاصصة التي جثمت على صدر الوطن لعقود، وإقصاء الثنائي الشيعي عن الوزارات الحساسة، وعلى رأسها وزارة المالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى