تحت المجهر

انهيار الشعارات … 15 عامًا من التضليل السياسي

بقلم تادي عواد –

اليوم، وفي لحظة مثيرة للتأمل، يعترف النائب جبران باسيل بشكل غير مباشر أن كل الشعارات التي تم الترويج لها على مدى 15 عامًا بشأن “استعادة حقوق المسيحيين” و”عودة الشراكة” كانت مبنية على أسس خاطئة، بل وربما زائفة. هذا الاعتراف يكشف عن حقيقة مؤلمة: أن اللبنانيين ضيّعوا سنوات من حياتهم، وأجيالاً من فرص التقدم، بسبب خطاب سياسي مضلل كان الهدف منه حماية مصالح معينة تحت غطاء حقوق طائفية ووطنية.

ما يفاقم الألم هو أن الطرف الذي تم تصويره كخصم تاريخي “هاضم للحقوق وضارب للشراكة” لم يكن المتسبب الرئيسي في إضعاف تلك الحقوق كما صُوِّر. بل تكشف الوقائع أن خط “الممانعة”، الذي لطالما جرى الدفاع عنه بشراسة، هو الذي لعب دورًا مركزيًا في ضرب أسس الدولة وتقويض الشراكة الوطنية. إن خطاب “استعادة الحقوق” الذي تبنته شخصيات وحزب النائب باسيل لم يكن سوى وسيلة لتغطية تحالفات ومصالح سياسية على حساب المجتمع بأكمله.

اليوم، ومع هذا الاعتراف الضمني، يصبح السؤال الملحّ: كيف يمكن استعادة الثقة في المشروع الوطني؟ كيف يمكن للمواطن اللبناني أن ينهض من بين أنقاض هذه الأكاذيب ويعيد بناء دولته على أسس صحيحة؟

اللبنانيون بحاجة إلى وقفة مع الذات، وإلى مساءلة حقيقية للقيادات السياسية التي استغلت مشاعرهم وهواجسهم لتحقيق مكاسب شخصية. والأهم من ذلك، أن يدركوا أن خلاصهم لن يأتي من شعارات طائفية فارغة، بل من مشروع وطني جامع يعيد بناء الدولة على أسس المواطنة، العدالة، والشراكة الحقيقية.

إن الخروج من دائرة التضليل التي أهدرت 15 عامًا من عمر لبنان يتطلب شجاعة في مواجهة الحقائق المريرة، وجرأة في محاسبة من تسببوا في هذه الأزمة، ووحدة في العمل نحو مستقبل يستحقه اللبنانيون جميعًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى