تحت المجهر

تعميم من ميقاتي بإعداد وثائق الاتصال وبلاغات الإخضاع تمهيداً لإلغائها

بقلم تادي عواد –

أصدرت رئاسة مجلس الوزراء تعميماً موضوعه “الغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة عن الأجهزة الأمنية والعسكرية”. التعميم يشدد على ضرورة إلتزام تلك الأجهزة بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 24/7/2014 والمعمم من قبل النيابة العامة التمييزية بتاريخ 6/8/2014، القاضي بإلغاء جميع وثائق الإتصال وبلاغات الإخضاع وغيرها من التدابير الصادرة دون إشارات قضائية، وخلافاً للقانون والتي يتجاوز عددها الستين ألفاً

1. الخلفية التقنية والإجرائية للقرار:

وثائق الاتصال وبلاغات الإخضاع هي أدوات أمنية استخدمتها الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية لعقود، بهدف المراقبة أو الاستدعاء أو التوقيف دون الحاجة إلى قرار قضائي مباشر. هذه الإجراءات، بالرغم من أنها خدمت أهدافاً أمنية معينة، تفتقر إلى الأسس القانونية التي تحمي حقوق الأفراد وتؤدي إلى انتهاكات للحريات الشخصية.

القرار يعتمد على المادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تنص على ضرورة وجود إشارة قضائية لأي إجراء يحد من حرية الأفراد. إضافة إلى ذلك، يستند القرار إلى المبادئ الدستورية التي تحمي الحقوق الأساسية.

2. الأثر التقني لإلغاء الوثائق:

تحليل البيانات: الأجهزة الأمنية ستكون مطالبة بإعداد لوائح اسمية تتضمن كافة الأفراد المشمولين بوثائق الاتصال وبلاغات الإخضاع. هذا يتطلب مراجعة دقيقة لقواعد البيانات الأمنية وإعادة تقييم المعطيات المرتبطة بأكثر من 60 ألف وثيقة.

الإلغاء التقني: إلغاء هذه الوثائق لن يكون مجرد إجراء إداري بسيط، بل يتطلب تعديلات في أنظمة قواعد البيانات الخاصة بالأجهزة الأمنية لضمان شطب الوثائق والتأكد من عدم وجود مفاعيل لها مستقبلاً.

3. التأثير على العمل الأمني:

إعادة تصميم سياسات الملاحقة: بعد إلغاء هذه الوثائق، سيكون على الأجهزة الأمنية إعادة صياغة سياساتها فيما يتعلق بالملاحقة والاستدعاء، بما يضمن الامتثال للقانون عبر إشارات قضائية مسبقة.

تعزيز أدوات الاستخبارات القانونية: إلغاء التدابير الاعتباطية يتطلب تعزيز أدوات جمع المعلومات ضمن الإطار القانوني مثل تطوير أدوات التحليل الجنائي الرقمي والرصد القانوني المسموح به.

4. الانعكاس التقني على سيادة القانون:

التحول الرقمي في القضاء والأمن: لضمان احترام فصل السلطات وعدم التدخل في القضاء، من الضروري تسريع العمل على مشاريع التحول الرقمي في القضاء، مثل تطوير أنظمة إلكترونية قضائية تتيح للأجهزة الأمنية الحصول على الأذونات بشكل سريع وموثوق.

أنظمة رقابة ومتابعة: يمكن تعزيز الشفافية من خلال إنشاء أنظمة متابعة إلكترونية تتيح للأفراد أو الجهات الرقابية التحقق من عدم وجود ملاحقات تعسفية خارج القانون.

5. احتمالات المستقبل التقني:

حصر صلاحيات المحكمة العسكرية بالعسكريين: في حال إقرار هذا المقترح، ستكون هناك حاجة لتطوير نظام تقني لفصل القضايا العسكرية عن القضايا المدنية بشكل واضح في قواعد البيانات القضائية.

قانون العفو العام: إذا تم إقرار قانون العفو العام، فإن تنفيذه تقنياً يتطلب تطوير أدوات رقمية تتيح مراجعة السجلات الجنائية بشكل آلي لتحديد المستفيدين.

الخلاصة:

إلغاء وثائق الاتصال وبلاغات الإخضاع خطوة جوهرية نحو تعزيز سيادة القانون واحترام الحقوق الدستورية في لبنان. من الناحية التقنية، يتطلب التنفيذ الفعلي لهذا القرار جهوداً كبيرة في إدارة البيانات الأمنية، تطوير أنظمة رقابية، وتعزيز أدوات الاستخبارات القانونية لضمان استمرار كفاءة العمل الأمني ضمن إطار القانون. إذا استُكملت هذه الخطوات بشكل صحيح، فقد يشهد لبنان حقبة جديدة من العدالة الاجتماعية والتوازن بين الأمن وحقوق الأفراد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى