تحت المجهر

ازدواجية انتهازية لا أخلاقية في لبنان: بين أزمة المعايير والانحياز الموجه

بقلم تادي عواد –

تُظهر الساحة السياسية اللبنانية مشهدًا مليئًا بالتناقضات والازدواجية، لا سيما فيما يتعلق بالتحالفات. هذه الازدواجية لا تقتصر على الخطاب السياسي، بل تمتد إلى استغلال الأحداث والجرائم التي شهدها لبنان لتبرير التحالف مع جهات معينة ورفضه مع أخرى، وفقًا للمصالح السياسية الآنية.

ازدواجية في توصيف الحلفاء والأعداء
تُستخدم جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي (المشكوك في صحتها استنادًا إلى الوثائق التي كشفها ثوار سوريا) من قِبل بعض الأطراف كذريعة لشيطنة كل من يتحالف مع سمير جعجع، في حين يتم التغاضي عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري (المؤكدة والمثبتة بالوثائق) عندما تستدعي مصلحة التحالف السياسي مع حزب الله ذلك.

إذا كان التحالف مع من ارتكب جريمة اغتيال لشخصية وطنية فعلًا مدانًا وغير مقبول، فلماذا يصبح هذا المبدأ مرنًا عند الحديث عن حزب الله المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري؟

انتهازية سياسية موجهة بالدعاية
تهدف الدعاية التي يروج لها حزب الله إلى تفتيت الصف السني وإحداث انقسامات داخلية، من خلال تصوير بعض الشخصيات كأعداء حقيقيين، وتلميع صورة آخرين رغم تورطهم في قضايا اشد خطرا على البيئة السنية.

هذا النهج يسعى إلى تغيير أولويات الشارع السني، بحيث ينصبّ الاهتمام على الخلافات الداخلية بدلًا من توحيد الجهود في مواجهة العدو الحقيقي.

الرسالة المطلوبة: إعادة ضبط البوصلة
المطلوب اليوم هو إعادة النظر في الأولويات السياسية وتحديد العدو الحقيقي الذي يهدد لبنان ومكوناته، بعيدًا عن الانجرار خلف حملات التشويه الممنهجة التي تهدف إلى تفتيت الصفوف.

التحالفات يجب أن تُبنى على أسس وطنية واضحة تحترم دماء القادة والشخصيات الوطنية، وألا تكون رهينة للانتهازية السياسية أو الأجندات الخارجية.

لا يمكن بناء مستقبل لبنان على ازدواجية المعايير واستغلال الأحداث لتحقيق مكاسب سياسية مؤقتة. إن وحدة الصف الوطني، وخاصة داخل الشارع السني، هي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الحقيقية بدلًا من الانشغال بخلافات مصطنعة تخدم أجندات معينة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى