تحت المجهر

لماذا يكره جبران باسيل قائد الجيش جوزيف عون؟ قراءة في خلفيات الصراع

تعددت التحليلات وتضاربت الروايات حول سبب الكراهية الدفينة التي يُكنها جبران باسيل لقائد الجيش جوزيف عون، لكن أياً من هذه الروايات لم تصل إلى الجوهر الحقيقي للمشكلة. لفهم هذا الصراع، عليك العودة إلى الجذور النفسية والاجتماعية التي شكّلت شخصية باسيل ومسار التيار الذي ينتمي إليه.

الحقد كركيزة تأسيسية

التيار الوطني الحر لم يُبنَ على أسس فكرية أو أيديولوجية متينة بقدر ما تأسس على مشاعر الحقد تجاه خصومه السياسيين، وفي مقدمتهم القوات اللبنانية. وفقاً لخبراء علم النفس، هذه المشاعر العدائية يمكن تفسيرها من خلال ما يُعرف بـ”عقدة النقص” (Inferiority Complex)، حيث تتولد العدوانية كرد فعل لتعويض شعور داخلي بالدونية.

الجيل العوني الأول لم يعرف الحرب ولا صنع البطولات، كما صنع قادة القوات اللبنانية خلال معارك زحلة وقنات وحرب المئة يوم في الأشرفية. لذا عاش دائماً في ظلّ من صنعوا التاريخ خلال الحرب الأهلية، مما جعله يعاني من شعور مستمر بالنقص والذل، وهو ما يفسر الهروب المستمر إلى العدوانية كوسيلة دفاعية.

عقدة الرجولة المفقودة

تاريخياً، من شاركوا في الحروب واختبروا مواقف العزة والكرامة طوّروا شعوراً قوياً بالثقة والصلابة، لكن من عاشوا في الهامش دون المشاركة، تراكم لديهم شعور بالنقص والرجولة المهدورة. هذا الشعور، بحسب علماء النفس، يؤدي إلى سلوك عدائي تجاه كل من يمثل “النموذج الذي يفتقدونه”.

الحقد على جوزيف عون وشامل روكز: نموذج مكرر

يمكنك بسهولة فهم سبب الكراهية التي يُكنها باسيل لكل من جوزيف عون وشامل روكز. كلاهما قائد عسكري قوي ومحبوب، يجسد صفات الرجولة والصلابة التي يفتقدها باسيل. لذا، يشعر باسيل بتهديد دائم أمام كل شخصية عسكرية ناجحة، ليس فقط لأنهم ينافسونه سياسياً، بل لأنهم يكشفون الفجوة العميقة في شخصيته.

العدوانية كرد فعل نفسي

عندما يُحرم الإنسان من أمرٍ يتوق إليه، سواء كان احتراماً أو رجولة، يميل إلى تشويه صورة من يمتلكون هذا الأمر لتعويض إحساسه الداخلي بالحرمان. وهذا ما يبرر محاولات باسيل المستمرة للنيل من سمعة قادة الجيش وتشويه إنجازاتهم، مستخدماً الحقد كمحرّك أساسي لخطابه السياسي.

خلاصة

الحقد الذي يحمله باسيل تجاه جوزيف عون ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات نفسية واجتماعية رافقته منذ تأسيس التيار العوني. إنه صراع داخلي بين شخصية تعاني من نقص دفين وبين قادة عسكريين يمثلون النموذج الذي لطالما افتقده. لذا، كلما زاد نجاح جوزيف عون، ازداد حقد باسيل، لأن نجاحه يذكّره دائماً بما لن يستطيع تحقيقه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى