تحت المجهر

السيناريوهات المحتملة لعودة سعد الحريري إلى المشهد السياسي

تشير مصادر قريبة من تيار المستقبل إلى احتمال عودة رئيسه، سعد الحريري، قريبًا إلى لبنان لاستئناف نشاطه السياسي.

الإرث السياسي والتحديات

يُعتبر سعد الحريري ممثلًا لتيار وسطي يستمد شرعيته من إرث والده، رفيق الحريري، الذي لعب دورًا كبيرًا في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية. لكن مسيرته السياسية لم تخلُ من العقبات، حيث واجه تحديات عدة، أبرزها:

الضغوط الإقليمية والدولية: محاولته التوفيق بين مصالح قوى إقليمية متناقضة.

الصراعات الداخلية: خصوصًا مع قوى مثل حزب الله وحلفائه.

العلاقات الخليجية: رغم سعيه للحفاظ على علاقات متينة مع دول الخليج، إلا أن التوترات التي شابت هذه العلاقات انعكست سلبًا على دوره السياسي.

الانتقادات والمآخذ

تعرض الحريري لانتقادات شديدة، سواء من خصومه أو من مؤيديه. رأى البعض أن تسوياته السياسية، خاصة مع حزب الله والنظامين السوري والإيراني، جاءت على حساب مبادئ تيار المستقبل وأسهمت في تعميق أزمات الدولة وتكريس نظام المحاصصة الطائفية. هذا النظام كان من بين الأسباب الرئيسية لتدهور الاقتصاد وانهيار المؤسسات.

سيناريوهات العودة

1. السيناريو الإيجابي:
إذا عاد الحريري برؤية جديدة تُركز على الإصلاحات، توحيد القوى السياسية، والتعامل بجدية مع الأزمة الاقتصادية، فقد تُشكل عودته فرصة لإعادة التوازن السياسي.
عليه أيضًا الابتعاد عن سياسة النكايات، خاصة مع حلفائه التقليديين مثل سمير جعجع، والعمل على إصلاح علاقاته مع السعودية.

2. السيناريو السلبي:
إذا استمر الحريري في التماشي مع التوازنات السياسية الراهنة المبنية على المحاصصة الطائفية والتسويات الإقليمية، فإن ذلك سيؤدي إلى استمرار النهج الذي أثبت فشله، مما يُعمق الأزمات ويُفاقم الانهيار الاقتصادي والسياسي.

الدور الإقليمي والدولي

من الواضح أن أي عودة للحريري لن تكون بمعزل عن دعم القوى الإقليمية والدولية، لا سيما المملكة العربية السعودية ودول الخليج، التي كانت تاريخيًا داعمًا رئيسيًا له.
ومع ذلك، لا توجد مؤشرات واضحة حتى الآن على حصول تسوية بين الحريري والقيادة السعودية، ما يثير تساؤلات حول فرص نجاحه في استعادة حضوره الإقليمي والمحلي.

المخاطر والتحديات

إذا عاد الحريري من دون خطة استراتيجية، فقد يُضعف تياره السياسي ويزيد من حالة التشرذم داخل الطائفة السنية. كما ان غياب قيادة موحدة يجعل أي عودة بلا رؤية محكمة خطرًا على مستقبله السياسي.

قد تُشكل عودة الحريري فرصة لإعادة ترتيب المشهد السياسي، لكنها قد تعني أيضًا استمرار السياسات التي فشلت في معالجة الأزمات. يعتمد نجاحه على وضوح الرؤية، الاستقلال عن التأثيرات الإقليمية، وتحمل مسؤولية الإصلاح بدلًا من العودة إلى التسويات التي ساهمت في انهيار الدولة.

بقلم تادي عواد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى