تحت المجهر

البحث عن رئيس “جامع لا يستفز أحدًا”… الوهم المستحيل

بقلم تادي عواد

حتى الآن، لا يبدو أن هناك إرادة حقيقية لدى الكتل النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية. فما زال البحث مستمرًا عن سراب، وكذبة تم الترويج لها بهدف إضاعة الوقت، وهي “انتخاب رئيس جامع لا يستفز أحدًا”. في الواقع، لا يوجد في لبنان سياسي قادر على إحداث المعجزات، فاللبنانيون مقسومون حتى النخاع، إلى درجة أن التنافر وصل إلى داخل كل حزب سياسي، وحتى بين حلفاء الخط الواحد. نحن بحاجة إلى رئيس يمتلك القدرة على قيادة البلاد في واحدة من أصعب المراحل التي تمر بها المنطقة.

نحن نشهد اليوم سقوط أنظمة وحكومات استمرت ثابتة لعقود طويلة في أيام معدودة. لذلك، يتطلب الوضع اختيار رئيس يتمتع بمواقف ثابتة، وشجاعة في اتخاذ القرارات، ورؤية واضحة للنهوض بالبلاد. رئيس يستطيع تحمل مسؤولية قيادة لبنان بعيدًا عن السياسات الملتبسة والمواقف الرمادية التي لا تخدم المصلحة الوطنية.

ما نحتاجه هو رئيس سيادي، يعلن بصوت عالٍ وواضح: “لبنان أولاً”. رئيس ينقذنا من الانزلاق في لعبة المحاور الدولية التي مزقت لبنان وزادت من معاناة اللبنانيين على المستويين الاقتصادي والسياسي. السيادة لا تعني فقط اتخاذ موقف محايد بين القوى الإقليمية والدولية، بل تتطلب قرارات جريئة ومستقلة تحمي المصالح اللبنانية وتعيد للبنان مكانته الحقيقية.

في ظل الانهيار الحالي، يجب أن يكون الرئيس القادم قادرًا على تقديم حلول عملية، والعمل على إعادة بناء المؤسسات، واستعادة ثقة الشعب بالدولة. القيادة ليست شعارات فارغة، بل هي مواقف وقرارات تُبنى على رؤية استراتيجية تستند إلى مبدأ أن لبنان هو الوطن النهائي لجميع أبنائه، وليس ساحة لصراعات الآخرين.

المرحلة القادمة تتطلب رئيسًا قادرًا على مواجهة الأزمات، لا رئيسًا يختبئ خلف عبارات رنانة لإرضاء الجميع. المطلوب قائد وطني حقيقي يضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، ويعيد لنا الأمل بوطن يليق بتضحيات شعبه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى