وداعاً حزب الكتائب.. المؤتمر التأبيني يبدأ غدا
كل “البهدلة” التي ألحقها النائب سامي الجميل وفريق عمله بحزب الكتائب في الانتخابات النيابية الأخيرة لا تقارن بما سيفعله سامي والفريق نفسه بهذا الحزب هذا الـ”ويك آند. ما لم يفعله الخصوم التاريخيون للحزب والحرب الأهلية ومرحلة ما بعد الحرب وغيرهم وغيرهم إنما يفعله سامي هذا الـ”ويك آند”. يصعب التصديق طبعاً لكن النائب المتنيّ أشبه بمن يقرر تدمير كل شيء: يقطع أشجار الحديقة ثم يدمر الشرفات فالمطبخ ثم الصالون وها هو اليوم “يبرم” الجرافة صوب غرفة النوم لتهديمها هي أيضاً. غير الكتائبيين لم ولن يصدقوا أن حزب العائلة قبل الله والوطن إنما هو حزب – غير رئاسي – ديمقراطي، يملك مكتبه السياسي صفة تقريرية لا استشارية كسائر المكاتب السياسية. حزب كان يفترض الشاب المسيحي في مرحلة ما أنه قادر على تحقيق أهدافه بمجرد الانتساب إليه وصعود السلم درجة فدرجة.
القصة بدأت مع عودة سامي الجميل إلى الحزب واستحداث منصب خاص به، ثم مع انتخابه رئيساً خلافاً للقوانين الحزبية، قبل أن تتضح الصورة أكثر عشية الانتخابات النيابية؛ يومها كان يفترض بالمكتب السياسي أن يقرر تحالفات حزب الكتائب مع أخذ المصلحة الحزبية أولاً بعين الاعتبار، لكن الجميل منع أي نقاش في التحالفات ليقرر وحده رفض عرض القوات بالتحالف في بعبدا وكسروان – جبيل حيث كان سيضمن مقعدين بموازاة إهانته لحزبيين لهم مكانتهم خارج الحزب وتاريخهم داخله؛ أشخاص مثل غابي سمعان يحظون بالاحترام في كل لبنان إلا في مكتب سامي؛ هناك يفترض بكل كتائبي أن يهان ويذل ويتسول المكانة؛ لماذا؟ لا أحد يعلم. وفي النتيجة خلصت الانتخابات إلى ما يعرفه الجميع: مقعدان للجميل في المتن ومقعد النائب نديم الجميل في الأشرفية. وعليه كان يفترض بالمؤتمر الكتائبيّ الواحد والثلاثين الذي يبدأ غدا أن يناقش في أسباب تقوقع الكتائب في بكفيا، محدداً الثغرات في الخطاب السياسي والأخطاء في التحالفات ومآسي التنظيم لتداركها جميعها، إلا أن إبن العنيد عنيد. قرر سامي تحويل هذه المناسبة إلى فرصة للانقضاض على ما تبقى من بنيان كتائبيّ لتهديمه بالكامل. وها هي التفاصيل:
• أسماء من يفترض بما تبقى من كتائبيين انتخابهم لتشكيل المكتب السياسي جاهزة منذ أسابيع، وكل ما يجري هو مجرد مسرحية إنتخابية، وقائمة الأسماء التي حصل Refresh.com.lb عليها، تضم كل من: جويل بو عبود، فادي عردو، سمير خلف، مجيد العبلي، سيرج داغر، فرج كرباج، إيلي ماروني، فادي الهبر، ريتا بولس، ميشال خوري، جوزف نهرا، مروان عبدالله، ناجي صفير، بيار جلخ، شارل سابا. يمكن أن يتغير اسم أو اسمان بعد نشرنا للقائمة لمجرد التمريك، لكن المضمون هو الأهم: انتهى زمن الديمقراطية والمعارك المميزة للفوز بعضوية المكتب السياسي. أسماء المكتب السياسي باتت تجهز سابقاً ولم يعد أحد يهتم بالترشح أقله، بعدما فهم الجميع أن الناخب الوحيد للأعضاء الستة عشر هو سامي الجميل؛ الوحيد الأوحد.
• رغم وضوح الدستور الكتائبي في تأكيده على وجوب تعميم الورقة السياسية على المشاركين في المؤتمر ليتسنى لهم درسها وتسجيل ملاحظتهم لمناقشتها في المؤتمر العام قبل 15 يوم، لم يلتزم سامي الجميل، ولم ترسل الورقة السياسية مع أن الجميل هو أكثر من يعترض في الهيئة العامة للمجلس النيابي على عدم إعطاء النواب ما يكفي من الوقت لدراسة القوانين. علماً أن هناك اليوم ثلاث وجهات نظر سياسية في حزب الكتائب: الأولى وجهة سامي المعروفة، الثانية وجهة النائب نديم الجميل الذي ينادي بالانفتاح داخل الحزب وخارجه وهو بموازاة مواقفه السياسية اللافتة يكثف لقاءاته الإيجابية مع قدامى الكتائبيين المعتكفين، أما الثالثة فتضم الأعضاء الثلاثة الذين قدموا استقالتهم من المكتب السياسي قبل نحو شهرين وهم يقولون إن الرئاسة الأولى كانت دائماً خطاً أحمراً بالنسبة لحزب الكتائب ولا يجوز الخلافات التكتيكية أو مصالح الأفراد في السعودية وغيرها أن تؤدي إلى طعن الرئاسة الأولى.
• رغم وضوح الدستور الكتائبيّ أيضاً وأيضاً في تحديده مهلة عشرة أيام أقله لعرض الورقة الإدارية على المشاركين في المؤتمر، فإن الورقة أرسلت قبل خمسة أيام فقط.
علماً أن النائب سامي الجميل يرفض الالتزام بمقتضيات الدستور الكتائبي لناحية عرض الموازنة التفصيلية التي تظهر المداخيل بكل تفاصيلها والمصاريف بكل تفاصيلها أيضاً. وهو يستهزئ بمن يطالبه داخل حزبه بهذه الموازنة عبر عرض أوراق عامة لا تحدد مصدر التبرعات ولا تفاصيل المصاريف.
المؤتمر الذي يبدأ غداً لا يحمل عنواناً؛ من يتابعون تفاصيل ما يحصل داخل هذا الحزب الذي فشل سامي الجميل في إيقاظه من سباته يقولون إنه أشبه باحتفال تأبيني – توديعي لإرث كتائبيّ كبير؛ لا دستور حزبي بعد اليوم ولا شفافية مالية ولا مهل دستورية ولا ديمقراطية ولا انتخابات ولا تعدد آراء سواء في المكتب السياسيّ أو في غيره؛ كل من ينهزم في الخارج يستشرس في الداخل ولا أحد يتعلم من أخطاء أسلافه: بدل أن يوسع سامي الجميل دائرة نفوذه في الداخل ويستوعب جميع وجهات النظر الكتائبية لمعالجة ما أصابه في الخارج، يضيق الخناق على نفسه ويعزل نفسه بنفسه في زاوية الزاوية.
غسان سعود – Refresh