مليارات حزب الله من إيران إلى كولومبيا، ولبنان وفرنسا – الجزء الثاني
مجلة لوبوان – العدد 2698 – ترجمة صوفي شماس
عملية “الأرز”
بعد حاويات الكوكايين السوداء، عثر محققو وكالة مكافحة المخدرات الأميركية على حسن منصور، كندي لبناني مرتبط بعشيرة رضا في كولومبيا. في العام 2014، قام رجل الأعمال، عميل حزب الله بتأسيس شركة Zoom Zoom Motors، وهي شركة استيراد وتصدير تعمل على إرسال سيارات مستعملة من أميركا الشمالية إلى إفريقيا. هذه الأعمال هي وسيلة لإعادة تدوير أموال حركة المخدرات. هذا لا يمنع منصور من الحصول على شحنتين على الأقل من «الفحم» الكولومبي. في العام 2015، كشف الشخص نفسه لعميل متخف في وكالة مكافحة المخدرات أنه يستخدم الواجهة التجارية لتهريب الكوكايين المخبأ في قوالب الفحم. هذه هي المعلومات السرية التي وصلت من باريس إلى المحققين الأميركيين. مجموعة من الأموال لصالح حزب الله ولقاء بين تجار المخدرات المتورطين في فرنسا. إنها بداية عملية “الأرز” التي تمتد في سبعة بلدان.
تمّ التنصت على بائع سيارات يعيش في دوسلدورف. إنه ابن شقيق حسن نصر الله، أمين عام حزب الله. قاد المحققين إلى محمد عمار، مبيّض الأموال لصالح كارتل ميديلين، الذي تم اعتقاله في ميامي بعد قبوله إعادة تدوير الدولارات الأسترالية المقدمة من عملاء متخفين. أما حسن منصور فقد اعتُقل وسُجن في باريس. باعتقاله، حظيت الشرطة الفرنسية بغنيمة كبيرة. فحسن منصور متزوج من إحدى حفيدات نبيه بري، الذي بقي، في سن الـ86 عاما، شخصية مركزية في السياسة اللبنانية وحليف أبدي لحزب الله. بعد إطلاق سراحه رهن الإقامة الجبرية، تمكن منصور، بعد أن تظاهر بأنه شقيقه التوأم من الهرب إلى لبنان. هل قصّرت السلطات الفرنسية، أم أن نسيب نبيه بري، المحاور المميّز لدى الدبلوماسيين الفرنسيين في لبنان، استفاد من الحماية؟ فرنسا، التي وقعت مؤخرا عقد بيع طائرات إيرباص مع إيران، لا تريد المخاطرة بإفشال الصفقة. تماما كما حدث منذ أكثر من عدة سنوات مع عملية كاساندر، التي أجهضتها إدارة أوباما حتى لا تعرض المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي للخطر، فالحملة على حزب الله تتعارض مع السياسة الواقعية.
أقصى اليمين
في رطوبة بارانكويلا، تتصرف عائلة رضا بتحفظ أكبر. هذه المدينة الصاخبة والملونة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، والتي تعد مسرحا لأحد أكبر الكرنفالات في العالم، مختلطة منذ فترة طويلة. هناك، تتجذر الجالية السورية واللبنانية القادمة من بلاد الشام عبر موجات الهجرة. وأشهر شخصية في المدينة هي المغنية شاكيرا التي يطل تمثالها الذهبي كراقصة شرقية على نهر ماغديلينا. رئيس البلدية أليخاندرو شار هو وريث عائلة نافذة من دمشق. أما شقيقه وابن عمه، فهما عضوان سابقان في مجلس الشيوخ في بوغوتا، ومتورطان في الفساد وشراء الأصوات وغيرها من عمليات الاختلاس. ولا يزال بطريرك العشيرة، فؤاد شار، 86 عاما، وزير الاقتصاد السابق، يسيطر على سلسلة من محلات السوبر ماركت، ومصرف وأحد أندية كرة القدم الأكثر شعبية في البلاد، جونيور دي بارانكويلا، إنما، حتى الآن، لم تظهر عليه أي شبهة بالتواطؤ مع حزب الله. لكن من ناحية أخرى، يُشتبه في أن عائلة شار تحتفظ بصلات مع الجماعة شبه العسكرية اليمينية المتطرفة، Oficina de Envigado، التي تتمركز بالقرب من ميديلين… وحددت وكالة مكافحة المخدرات الأميركية في العام 2016 روابط بين هذه الميليشيا المتورطة في تجارة المخدرات وتبييض أموال حزب الله اللبناني.
لبنان صغير في الخارج
إن وجود ملايين الأشخاص من أصل لبناني في أميركا اللاتينية يسمح لحزب الله بالاستفادة من الرحلات على طول القارة. إنه نموذج مشابه لما هو موجود في غرب إفريقيا. إنهم ينشئون لبنان صغيرا في الخارج، مع مساجدهم ومنظماتهم الخيرية ومدارسهم… وغالباً ما يعكس استخدام بعض الرموز والأنشطة والمتحدثين انتماء هذه التنظيمات إلى كتلة حزب الله المنتشرة. نرى هذا الأمر بوضوح في منطقة الحدود الثلاثية، في ساو باولو، والبرازيل، وأيضا في كولومبيا وفنزويلا. يُضاف إلى ذلك خبرة في المناطق الخارجة عن سلطة الدولة للتجارة الدولية. وحيث تتلاشى الحدود الإدارية وتظهر المدن المزدهرة، يفتتح التجار اللبنانيون متاجرهم، إذ يتطلب غسل هذه المبالغ من الأموال شبكة قوية.
يستطيع حزب الله ضخ الملايين في النظام المصرفي القانوني، لكنه قادر أيضا على إدارة المعاملات الاحتيالية من دون نقل البضائع، أو حتى نقل الحاويات الفارغة! إذ يصدر متعهدوه وثائق مزورة ومزيفة بكميات صناعية ويوزعون الأموال باستخدام نظام تحويل الأموال التقليدي.
لكن قادة حزب الله يستثمرون أيضا في المؤسسات القائمة. فقد اتهم البنك اللبناني الكندي في العام 2011 بتسهيل غسل مئات الملايين من الدولارات شهريا. إن الكوكايين هو النشاط الاقتصادي الرئيسي في أميركا اللاتينية، لذا من المنطقي أن يشغل حزب الله أيضا.
الجزء الاول على الرابط