رؤوس “كبيرة” أينعت ويتحين باسيل قطافها:آلان عون وكنعان وآخرون
وليد حسين
لن يكون قرار فصل نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، الذي اتخذه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الأخير في التيار البرتقالي. ويبدو أن الدور المقبل سيكون على النائب آلان عون، رغم صعوبة التنفيذ.
طلب جديد للمثول للتحقيق
تكشف مصادر “المدن” أنه سبق وتبلغ عون بضرورة المثول أمام لجنة التحكيم للتحقيق معه على خلفية اتخاذ مواقف مغايرة لباسيل، لكنه رفض الأمر. ورضخ باسيل حينها، طالما أن لعبة إدارة الصراع بينه وبين عون وباقي زملائه النواب في كتلة “التيار”، قائمة على عدم التصادم مع النواب الذين لديهم مواقف متمايزة ومغايرة لما يقرره هو. لكن بعد فصل بو صعب، عاد وتبلغ عون المثول أمام لجنة التحكيم مرة جديدة، نظراً لورود شكوى بحقه. الأمر الذي يفهم أن نوايا الطرد باتت قريبة.
ووفق مصادر متعددة مطلعة على مشاكل التيار، عندما تبلغ عون بضرورة مثوله أمام لجنة التحكيم اعتبر أن الموضوع بمثابة إهانة له ولتاريخه. ووصل الأمر حد تدخل الرئيس السابق ميشال عون لإيجاد مخرج ما. لكن أصرّ نائب بعبدا على موقفه، وتراجع باسيل خطوة إلى الوراء. فهل الشكوى الثانية بحق عون ستؤدي إلى طرده من التيار؟
الأمر معقد جداً، كما تؤكد المصادر، فباسيل يفضّل انسحاب المغضوب عليهم من تلقاء أنفسهم. أي أنه لا يلجأ إلى الطرد إلا في حالات محددة. حتى طرد بو صعب لم يكن وارداً لو لم يقدم الأخير على خطوات متكررة ومتوالية لدفع باسيل إلى اتخاذ القرار.
إدارة الصراع بين باسيل والأخصام
تضيف المصادر، في الأساس باسيل لا يطرد أي شخص، بل يدفع غريمه إما إلى الاستقالة أو إلى ارتكاب الهفوات والأخطاء لتسهيل فصله من دون أضرار جانبية. هذا فضلاً عن أنه يصعب عليه اتخاذ خطوة لفصل آلان عون في الوقت الحالي. فالنواب آلان عون وسيمون أبي رميا وإبراهيم كنعان أبلغوا باسيل أنهم متضامنين، بمعنى أنهم سيخرجون معاً في حال قرر فصل أي واحد منهم. وهذا يعقد الأمر أمامه لأن الطرد في الوقت الحالي يؤدي إلى انفجار تياره المتضعضع أصلاً.
وتشرح المصادر أن لعبة إدارة الصراع القائمة بين باسيل وأخصامه هي بمثابة اتفاق غير معلن، وتكرس خلال السنوات السابقة ولا سيما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة: يلجأ الطرفان إلى أيجاد المخارج اللازمة عند كل استحقاق باتفاق مسبق أو من دونه، بما يحفظ قواعد اللعبة. فلا هو قادر على فصلهم، ولا هم يستطيعون الذهاب إلى الطلاق الحبي. لكن بما يتعلق بفصل بو صعب الأمر مختلف. فالأخير منذ الانتخابات النيابية لا يحضر أي اجتماع لـ”التيار” لأنه لا يريد أن يأخذ أي موقف يضر بالحزب. فباسيل لايحتمل رأياً مختلفاً في الحزب، بل يفرض رأيه وعلى الجميع التنفيذ. وهذا الأمر لم يكن يناسب بو صعب، الراغب في الحفاظ على استقلاليته. وأعلن في أكثر من مناسبة تمايزه، وأن لديه رأياً خاصاً. رضي باسيل على مضض، لكنه قرر توجيه إهانة له من خلال إخضاعه إلى التحقيق.
إشكالية دائرة المتن
ووفق مصادر مطلعة، قرر باسيل تكليف النائب نقولا الصحناوي التحقيق مع بو صعب، الذي اتصل به وابلغه أنه يريد التحقيق معه بطلب من لجنة التحكيم في التيار. فجاوبه بو صعب: “بلاها يا نقولا. شو بدك بهل الشغلة”. ورد الصحناوي قائلاً: “طلبوا مني ذلك. ماذا أقول لهم؟ لا تريد المثول للتحقيق؟” فكان الجواب “قل لهم أنا غير معني”. وعلى ذمة المصادر مازحه بو صعب قائلاً: الرئيس بري يسأل دائماً عن ملف الاتصالات (كان الصحناوي وزير الاتصالات) ولم أعد أعرف ماذا أقول له.
إلى ابلاغ النواب الثلاثة، الآنفو الذكر، باسيل تضامنهم في حال الطرد، بعد فصل بو صعب، لا يستطيع زعيم “التيار” تحمّل فصل النائب كنعان، لما له من تداعيات على الانتخابات النيابية في المتن. فالنائبان في دائرة المتن، التي شهدت تراجع التيار شعبياً بشكل غير مسبوق.
وتضيف المصادر، طرد بو صعب يمكن وضعه في إطار تجهيز باسيل الأرض لترشيح نائبه للشؤون الإدارية غسان الخوري عن المقعد الأرثوذكسي مكان بو صعب. لكن طرد كنعان يعقّد الأمور، خصوصاً أن الخلافات بين العونيين في هذه الدائرة كبيرة. وإحدى الإشكاليات التي ستنفجر لاحقاً ستكون بين رغبة باسيل ترشيح الخوري أو رغبة العونيين بترشيح عضو المجلس السياسي هشام كنج، الذي فاز في الانتخابات الداخلية للترشح عن المقعد، لكن باسيل عاد ورشح بو صعب.
قرارات مستقبلية محتملة
العارفون بخبايا التيار يؤكدون أن باسيل يفضّل انسحاب الاخصام من تلقاء أنفسهم. ولن تصدر عنه قرارات تفجر تياره. والمحيطون به اقترحوا عليه بعض الأفكار تم تداولها بين العونيين على نطاق ضيق. ومن الأفكار المطروحة للتخلص من النواب الثلاثة عون وابي رميا وكنعان، ونواب آخرين منهم النائب سليم عون (بدأ باسيل يجهز الأرض لترشيح السيدة ج.ج في زحلة مكان عون)، هي اصدار قرار رئاسي لاحقاً، يقوم على عدم ترشيح أي نائب مضى على نيابته أكثر من ثلاث دورات. وأتى هذا الخيار بعد فكرة طرحت سابقاً عن إمكانية لجوء باسيل إلى إصدار قرار قبل موعد للانتخابات النيابية، يقضي بعدم ترشيح أي من النواب السابقين، بدءاً من نفسه.
هكذا خيارات تريح باسيل من تداعيات أي طرد في الوقت الحالي طالما أن موعد الانتخابات بعيد. لكن عندما يحين الموسم الانتخابي قد يفعلها، ويقنع جمهوره أن ما يسري عليه شخصياً يسري على باقي النواب. والتعليل هو إفساح المجال لجيل الشباب للتغيير والإصلاح من داخل الندوة البرلمانية. وهذا يحرج النواب الأخصام. فيتخلص منهم من دون أي “شوشرة” ولا تأثير. ذلك أن النواب الأخصام خارج المجلس النيابي لا تأثير لهم في التيار، بينما يصبح هو شخصياً زعيم حزب لديه كتلة نيابية متراصة، مثل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أو الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وباقي الزعماء.