بكركي تفضح قضاء “الثنائي الحاكم” وتستعجل “الخلاص” من ولاية عون
غداة حملة الاستثمار العوني في “زيارة الفاتيكان”، وما شهدته من محاولات معيبة ومفضوحة لتأليب الموقف البابوي على طروحات بكركي السيادية والوطنية، و”قولبته” ضمن إطار داعم للطروحات “الأقلوية” ولنظريات الانحياز لمحور الممانعة وإيكال مهمة حماية المسيحيين لأنظمة هذا المحور في المنطقة ولسلاح “حزب الله” في لبنان… لم تتأخر الحاضرة الفاتيكانية في إحباط هذه الأجندة وتنزيه الموقف البابوي عن الدسائس والغايات السياسية المشبوهة، فشكّل “عيد سيدة البشارة” مدخلاً عريضاً لإعادة تصويب البوصلة وتظهير الصورة على حقيقتها، من خلال كيل المديح الفاتيكاني في هذه المناسبة للبطريرك الراعي وإضفاء “البركة الرسولية” على خطواته وتوجهاته الكنسية والوطنية، حسبما جاء في “رسالة التهنئة” التي نقلها السفير البابوي جوزف سبيتاري للراعي من أمين سر الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين، فضلاً عن تلقيه رسالة ثناء مماثلة من المسؤول عن الشؤون الكنسية العامة في أمانة السر الفاتيكانية.
وكما دأبُها عند الاستحقاقات الوطنية المصيرية، تواصل بكركي السير في مقدمة المدافعين عن الدولة وسيادتها والتصدي بصلابة وعزيمة للهجمة الشرسة على الهوية والكيان، فتضرعت بالأمس لكي ينجلي “ليل الفتن والأحقاد والانهيار والهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق والخروج عن الدولة والشرعية وضرب المؤسسات” الذي خيّم على لبنان تحت سطوة الطبقة الحاكمة، وسلطت الأضواء في هذا المجال على “القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيّس والمركبة ملفاته مسبقاً”، لتفضح بشكل خاص قضاء “الثنائي الحاكم” الذي يتحرك بإيعاز من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لغايات انتقامية وانتخابية، وفق ما قرأت مصادر مراقبة في عظة البطريرك الراعي أمس، سواءً لجهة إدانة أداء القاضية غادة عون، أو لناحية التنديد بادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في قضية أحداث الطيونة – عين الرمانة، مقابل التحذير الصريح من مغبة أن يكون الهدف “تطيير الانتخابات” من وراء تصعيد أجواء التوتير ونقل البلاد “إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة”.
على أنّ الرسالة الأمضى في دلالاتها، تجلت بتصويب عظة الأحد مباشرةً على “الخلل في الأداء الرئاسي العوني”، كما لاحظت المصادر، لا سيما وأنّ البطريرك الماروني “ربط بشكل مباشر بين إنقاذ لبنان وبين انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، ومن هذا المنطلق لم يُخفِ استعجاله “الخلاص” من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، داعياً إلى تفعيل المادة 73 من الدستور و”انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية عون”، على أمل بأن “ينهض الرئيس الجديد بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار”، وفق تعبير الراعي، منوهاً عقب زيارته الأخيرة للقاهرة بـ”الحوكمة الرشيدة والإصلاحات الضرورية” التي انتهجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشدداً على أن “دولة لبنان تنتظر مثل هذا الرئيس المستنير والحكيم لينقذ شعبها”.
أما على الضفة المقابلة، وبينما عاجلت القاضية عون البطريرك الماروني بتغريدة مناهضة لمواقفه، مؤكدةً مضيّها قدماً على طريق “الجهاد القضائي”، سطّر مسؤولو ونواب “حزب الله” خلال نهاية الأسبوع المزيد من المواقف الانتخابية، فتمحورت في خلاصتها حول تخوين الخصوم السياسيين باعتبارهم عملاء لإسرائيل وأميركا، وتأكيد سعي “الحزب” وحلفائه إلى تحقيق هدف مركزي وهو الفوز بأكثرية نيابية تتولى مهمة “حماية سلاح المقاومة”.
وبهذا المعنى، كان تشديد رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين على أنّ الاقتراع في صندوق الانتخابات سيصبّ في خانة “دعم خيار المقاومة والدفاع عنها”، في مواجهة “بعض الداخل المرتبط بالأميركي، أو بعض الداخل الجبان والخائف من أميركا”، مع تنبيهه إلى أنّ “المعطيات في المنطقة تبدّلت والمعادلات في العالم تتغير ولبنان سيكون حتماً متأثراً بكل ما يحصل والذي سيكتب مستقبله هو القوي وليس الضعيف”.
وتحت العناوين الانتخابية نفسها، شدد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد على ضرورة التمسك بسلاح “حزب الله” على اعتبار أنّ هذا “السلاح وحده هو الكفيل بحفظ سيادة لبنان”، وأردف: “ما يعنينا في الاستحقاق الانتخابي أن ننتصر للخط الذي يحفظ المقاومة”. وكذلك سار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق على النهج التخويني الانتخابي نفسه، معتبراً أنّ “الحزب” يخوض المعركة الانتخابية ضد “أدوات السفارات ومن يخدمون إسرائيل”، بهدف حماية “هوية لبنان المقاومة”… في حين لخّص المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان موقف الثنائي الشيعي حيال الاستحقاق الانتخابي بعبارة معبّرة تختزن الكثير من الدلالات، قائلاً: “شروط النقد الدولي فلتذهب إلى الجحيم… المعركة ليست بالبقاع والجنوب بل على طول الدوائر الإنتخابية لتأمين غالبية نيابية تنتشل القرار السياسي من مخالب واشنطن وأصحاب المصالح الخارجية”، مضيفاً في معرض توجيهه الرسائل المضادة لتوجهات بكركي السيادية: “للبعض أقول إنّ لبنان رسالة سلام يحميها سلاح المقاومة، ولا وجود للبنان من دون سلاح المقاومة”.
المصدر: نداء الوطن