العقوبات الأوروبية تحاصر”امبراطورية سامر فوز” الاقتصادية ومتنفس نظام الأسد
أثارت العقوبات التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي مؤخراً أعمدة اقتصاد نظام الأسد، والمتمثلة بـ11 رجل أعمال و5 شركات سورية، جميعهم معنيّ بمشاريع إعادة الإعمار في سوريا، التساؤلات حول طبيعة الدور الذي يلعبه هؤلاء في دعم الأسد لا سيما أن الأسماء المُعاقبة أغلبهم رجال أعمالٍ في العقد الثالث والرابع من العُمر, وظهر اسمهم فجأة خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب البيان الصادر عن مجلس الاتحاد الأوربي، فإن العقوبات شملت كلاً من “سامر زهير الفوز” والذي يُعتبر واجهة نظام الأسد الاقتصادية وذراع رجل الأعمال المعروف “رامي مخلوف” ابن خال “بشار الأسد”، كما شملت ذراعيّ الفوز وهم “خلدون الزعبي وحسام قاطرجي”، وشركائه وهم “بشار عاصي وأنس طلس وخالد زبيدي، ونادر قلعي ومازن الترزي” إضافة إلى “حيان قدور ومعن هيكل ونذير جمال الدين”.
وتظهر العقوبات بأن الشركات الخمس التي شملتها العقوبات هي شركات يُديرها هؤلاء، وهي (أمان دمشق، وروافد، وميرزا، وبنيان دمشق، والمطورون”، كما أن جميع هذه الشركات حديثة الولادة وتهتمّ بمشاريع إعادة الاعمار، واستيراد وتصدير النفط والسيارات والحبوب.
كيف كبُر سامر فوز؟
يتزّعم “سامر الفوز” هذه الشخصيات الإحدى عشرة، والباقون يأتمرون بأمره ويتشاركون معه في استثمارات عدة داخل وخارج سوريا تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، جُنيت خلال سنوات الثورة الثماني لا أكثر.
وعن “سامر فوز” يقول الناشط القانوني (كمال صقر) وهو أحد أبناء محافظة اللاذقية لأورينت نت: “سامر الفوز هو ذلك المحامي المغمور قبل ثورة 2011، وابن أحد أصحاب محلات التجارة الغذائية في مدينة اللاذقية، ووالده محسوب على حزب البعث في مدينة اللاذقية، لا رأسمال لديهم يجعلهم من كبار تجار المدينة، ولكن سامر الفوز كان من المحسوبين على (هلال الأسد) في بداية الأمر، فحقق بذلك بعضاً من الأرباح التجارية”.
ويُكمل (صقر) “في بداية الثورة غادر سامر سوريا إلى تركيا وسكن في أنطاكيا المحاذية لمحافظة اللاذقية، وأنشأ فيها مشروع مياه صحية ثمّ نال الجنسية التركية في عام 2013، وهنا بدأت تجارته تزداد وعلاقاته تكبر بعد التعامل مع رجل الأعمال المصري الأوكراني (رمزي متّى) وذلك بتأمين القروض المالية لمتّى من البنوك التركية، وبسبب خلاف مالي بينهم قام فوز وشريكه (خلدون الزعبي) بتدبير قتل رجل الأعمال المصري، وتمّ سجنه لعدة شهور ولكن شخصيات مجهولة قامت بدفع مبلغ نصف مليار دولار لإخراجه بكفالة مالية مع شرط مراجعة المحكمة دورياً، وما زال يذهب إلى تركيا لحضور جلسات محاكمته”.
وعدا عن طريقة خروجه من السجن بدفع مبلغ ضخم لا يملك منه شيئاً – والكلام هنا لصقر – يملك فوز عدة جنسيات عدا التركية والسورية واللبنانية، وكذلك يُعتبر سامر فوز واجهة نظام الأسد عامةً ورامي مخلوف خاصةً، حيث استخدمه بشار الأسد ورامي مخلوف بالتشارك مع خبير البنوك العالمية (صفا جانودي) للإفراج عن مئات ملايين الدولارات المُجمّدة في البنوك العالمية عبر صفقات إنسانية للشعب السوري كالقمح، ولكنها كانت تعود إيراداتها لفوز وآل الأسد، وورد اسم (فوز) بوثائق “بنما وبارادايز”، بالإضافة لعلاقاته القوية مع المسؤولين الايرانيين والروس والأمريكان الحاليين واللبنانيين”.
ويوضح (صقر) بعضاً من أعمال “سامر فوز” في السنوات الأخيرة بقوله: “أنشأ فوز ميليشيا عسكرية في اللاذقية فور عودته من تركيا بعام 2014، وساهمت هذه الميليشيا باستيلائه على أهم العقارات والأراضي العائدة للسوريين الهاربين من آلة القتل في اللاذقية، ثمّ امتدت يده لتصل أملاك الرأسماليين السوريين والمستثمرين العرب في دمشق وحمص كـ(عماد غريواتي ومحمد حمشو والأمير وليد بن طلال) وغيرهم الكثير، وكل ذلك بتسهيل من بشار الأسد ورامي مخلوف شخصياً، عبر قوانين خاصة لشركته القابضة المسماة (أمان) والتي استفردت بكل حقوق العمل الاقتصادي والصناعي والاستثماري بآن واحد”.
ويُشير (صقر) إلى أن (فوز) أقام علاقات اقتصادية ضخمة مع تنظيم “داعش” وميليشيات “قسد”، عبر شراء إنتاج حقول النفط الخاصة بها وإنتاج مادة القمح وبيع السيئ منها لنظام الأسد والجيّد يتم تصديره لخارج سوريا، منوهاً إلى أن آخر أعمال (فوز) كان مشروع (ماروتا سيتي) وسط مدينة دمشق، حيث سيبني أبراجاً سكنية في منطقة بساتين المزة بارتفاع 70 طابقاً، بعدما سيطر على أراضيها من سوريين رغماً عنهم كوْنهم خرجوا ضد نظام الأسد بداية عام 2011.
وأما الكاتب الدرامي (فؤاد حميرة) وهو من أبناء مدينة اللاذقية والمقيمين في دمشق قبل سنوات، استغرب خلال حديثه مع أورينت نت من أن (سامر الفوز) هو أحد أبناء مدينة اللاذقية، وأنه رجل أعمال كوْنه لم يسمع به ولا بعائلته؛ إلا من خلال الإعلام مؤخراً، ومن خلال منشورات زملائه الفنانين المحسوبين على نظام الأسد بأنّ (الفوز) أصبح راعي الدراما السورية الجديد.
أهمّ أذرع (الفوز)
وفيما يخصّ (حسام قاطرجي) والذي يعتبر أحد أبرز أذرع (الفوز) قال التاجر الحلبيّ (أحمد صباغ) لأورينت نت: “يُعتبر عضو مجلس الشعب وممثل الفلاحين والمزارعين، وهو بعيد كل البعد عن الفلاحين، فهو ابن مدينة حلب وكان عمله الأساسي قبل الثورة في سوريا سمساراً بين التجار والمسؤولين، وكذلك إخوته الاثنين الباقين (براء ومحمد) وكان لديهم محل تجاري في منطقة السفّاحية بحلب القديمة، ولا أحد يعلم بهم إلا من يريد الوساطة أو تغيير بعض الملكيّات وخاصة التي تقع في المناطق الأثرية داخل حلب”.
وتابع (صباغ) “أنا كتاجر في حلب لم أسمع بحسام قاطرجي؛ إلا في فترة سيطرة فصائل المعارضة على أجزاء كبيرة من حلب، وكيف كان له علاقات قوية مع تلك الفصائل ومع النظام وداعش والميليشيات الكردية كلها بآنٍ واحد، فكان يشتري الأبنية الأثرية الواقعة تحت سيطرة الفصائل، ويشتري النفط والقمح من داعش وقسد ويبيعها لنظام الأسد، والكل سمع بصفقة المليون طن من القمح التي اشتراها (قاطرجي) ومعلمه (سامر الفوز) من قسد واستبدلها بشحنات رديئة من عند داعش ليرسل الرديء للنظام والجيد إلى تركيا، وآخر صفقاته كانت شراء مليون طن قمح من قسد، حيث تم نقل ربعها حتى اللحظة إلى مناطق سيطرة النظام، وكذلك بضعة صفقات شراء أبنية وفنادق حضارية في حلب تحت سلطة القانون رقم 10 الذي أُصدر لينتفع به أمثال هؤلاء”.
وأما عن ذراع (فوز) الثاني وهو (خلدون الزعبي) يقول الخبير الاقتصادي الدكتور (عبد الحكيم المصري) وهو من أبناء درعا المهجّرين: “عندما قرأت أسماء الشخصيات المُعاقبين تعجّبت من هذه الأسماء، لأنني لم أسمع بأغلبهم حتى مَن يُعتبر ابن درعا، ولكن هذه الأسماء هي واجهة لبعض شخصيات النظام، وخاصة التي تتعامل مع إيران وبذلك أسس خلدون الزعبي شركة طيران خاصة لها علاقاتها مع ايران مباشرة”.
لماذا عُوقبوا؟
وأما عن سبب العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على هؤلاء الأشخاص والشركات الخاصة بهم، يقول المحامي (كمال صقر) لأورينت نت: “السبب الرئيس لفرض هذه العقوبات هو استيلاؤهم على أملاك السوريين المهاجرين خارج البلد والضعفاء المُقيمين، وذلك بتسهيل من بشار الأسد وحاشيته شخصياً، ومن خلال إصدار القوانين والتراخيص التي تخدمهم، وكل ذلك تحت ذريعة إعادة إعمار سوريا”.
ويردف (صقر) “ومن بين الأسباب كان دعمهم لنظام الأسد بفكّ الودائع المجمّدة بطرق غير شرعية، وتقديم المال والنفط والقمح والسلاح لنظام الأسد عبر صفقات مشبوهة، رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة، ورغم منع التعامل مع تنظيمات تُعتبر إرهابية، وهناك سبب آخر ألا وهو دعمهم لميليشيات عسكرية تُساند الأسد في عملياته العسكرية ولها حرية الاستيلاء على أملاك الناس وتقديمها لهؤلاء الأشخاص ومن ثم تصل ليد بشار الأسد ورامي مخلوف وغيرهم من العائلة الحاكمة”.
كيف ستؤثر العقوبات على عمله؟
وعن تأثير هذه العقوبات على نظام الأسد وتبعياتها، يقول الخبير الاقتصادي (المصري): “نظام الأسد حالياً متهالك اقتصادياً وأي عقوبة ستؤثر عليه، خاصة أنه يترنّح بين عدة أزمات اقتصادية وجميع هؤلاء مرتبط عمله بالمواد التي عليها أزمات في البلد كالمحروقات والقمح” منوهاً إلى أن “هذه العقوبات استهدفت القطاع الانشائي المختص بإعادة الاعمار، وهذا لإيصال رسالة مفادها أنه لا يوجد إعمار بدون موافقة دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي عملية سياسية وحل شامل في سوريا”.
المصدر : أورينت نت – عمر حاج