تحت المجهر

تقرير روسي: العنبر 12 موّن براميل الأسد أيضاً بالأمونيوم

أخطر ما كشفت عنه التقارير الديبلوماسية، أنّ أحدها يكشف مبتدأ قضية مخزون نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت وطرف خيطها بين عامي 2013 و2020. وما يبدو حتّى الآن أنّه يدور حول أفراد وشركات ومنظّمات. فهذا التقرير يكشف للمرة الأولى أنّ القضية تتعلّق بـ”دول الممانعة”، أي سوريا وإيران إقليمياً، وروسيا والصين دولياً.

فماذا جاء في هذا التقرير؟

أوساط لبنانية إعلامية على علاقات وثيقة بموسكو، تلقّت قبل أيام نسخة عن تقرير بالروسية أعدّه مركز أبحاث روسي تناول تفجير الرابع من آب في مرفأ بيروت. ويستعرض التقرير كلّ المعطيات المتصلة بالباخرة “روسوس” التي أوصلت 2750 طنّاً من نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت في 21 تشرين الثاني 2013.

ماذا يعني العام 2013 عندما وصلت هذه الشحنة الضخمة من هذه المادة التي تستخدم في صناعة المتفجرات؟ التي كانت وجهتها الأولى إلى شركة “مصنّع المتفجّرات الموزمبيقيّ” عندما كان مالك السفينة الروسي إيغور غريشوشكين. وهل كان ضرورياً في ذلك العام أن تتحوّل ملكية السفينة من روسية إلى قبرصية وتحديداً إلى رجل الأعمال شارالامبوس مانولي كي تبدأ شحنة نيترات الأمونيوم طريقها النهائية إلى العنبر 12 في مرفأ بيروت؟

يجيب التقرير الروسي على هذين السؤالين من خلال التذكير بمرحلة الحرب السورية التي شهدت في 20 آب 2012 تطوّراً بارزاً عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الخط الأحمر في تلك الحرب محذّراً نظام الرئيس السوري بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ضدّ المعارضة. لكن النظام لم يمتثل لهذا التهديد، فأقدم بعد أشهر قليلة على شنّ أكبر هجوم كيماوي يوم الأربعاء في 21 آب 2013 موقعاً 1400 قتيل في الغوطة الشرقية بدمشق. لكنّ إدارة أوباما استفادت من تهديدها بتوجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بعقد صفقة مع موسكو تقضي بالتخلّص من ترسانة الأسلحة الكيماوية لدى نظام الأسد مقابل تجنيبه العقاب العسكري. وهكذا كان بدءاً من أيلول 2013.

وكان على موسكو توفير بدائل للأسلحة الكيماوية التي فقدها نظام الأسد كي يواصل هجماته على المعارضة التي بدت متجهة إلى نصر كامل في الحرب.

ويتابع التقرير أنّ إيران التي كانت منغمسة في الحرب السورية، سارعت وبالتنسيق مع موسكو إلى نجدة نظام الأسد بشحنات متتالية من نيترات الأمونيوم عبر مرفأ بيروت، وواحدة عبر مطار رفيق الحريري الدولي. ويتطابق التقرير الروسي هنا مع التقرير الذي نشرته أخيراً صحيفة Die Welt اليومية الألمانية التي كشفت بصورة موثّقة أنّ الحرس الثوري الإيراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني أرسل بين عامي 2013 و2014، ما يتراوح ما بين 630 و670 طنّاً من نيترات الأمونيوم عبر مرفأ بيروت إلى “حزب الله”، الذي تولّى نقلها إلى سوريا.

بحسب التقرير ليس مصادفةً أنّه منذ نهاية العام 2013 تقريباً، بدأ نظام بشار الأسد يستخدم البراميل المتفجّرة في قصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، وهي عبارة عن براميل نفط قديمة محشوّة بمواد متفجرة ومعدنية وخردة، يتمّ إلقاؤها بواسطة المروحيات من علو منخفض، ولا يمكن التحكّم بأهدافها، وقد تسبّبت بمقتل مئات الأشخاص. وكانت كميات نيترات الأمونيوم التي ينقلها “حزب الله” من مرفأ بيروت، وتحديداً من العنبر 12 الذي كان تحت سيطرته بالكامل، هي الحشوة الأساسية لبراميل الاسد. وأتت شحنة الباخرة “روسوس” التي استقرّت نهائياً في مرفأ بيروت لتشكّل خزّان هذه المادة طوال الحرب السورية لاسيما أعوام اشتدادها والتي شهدت تدخّلاً روسياً مباشراً في الصراع.

ماذا عن مخزون العنبر 12 وما بقي فيه بعدما شكلّ محطة تموين ووقود لبراميل الأسد في أعنف أعوام الحرب السورية؟

توقّف التقرير عند حاجز الفيتو الذي استخدمته موسكو بدعم من الصين كي تحبط محاولات متكرّرة من  دول غربية منذ العام 2013 كي يصدر مجلس الأمن قراراً يدين الأسد لاستخدامه البراميل بغير تمييز فى مناطق آهلة بالسكان. ولم يصدر مثل هذا القرار إلا في حزيران 2015، أي بعد نجاح النظام السوري، بدعم من موسكو وطهران، في تطهير مناطق سيطرته من ملايين السكان الذين ينتمون إلى المعارضة، وخصوصاً في دمشق وحلب، قتلاً وتهجيراً واعتقالاً.

قبل ذلك، استخدمت روسيا بدعم من الصين حقّ النقض للاعتراض على4  قرارات في مجلس الأمن بشأن سوريا، 3 منها تهدّد الحكومة بفرض عقوبات، والرابع يدعو إلى إحالة مجرمي الحرب على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب ارتكاب جرائم حرب محتملة.

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button