فساد حكم الممانعة أسقط أوراقها
بقلم المحامي لوسيان عون
إنه الفخ الكبير، إنها ممانعة أكلت أبناءها، ممانعة من بلاد فارس إلى ساحل البحر الابيض المتوسط، كبرت وترعرعت وتألقت إلى أن بلغت عصرها الذهبي بدعم من غطاء داخلي بعضه مسيحي فبلغت أوجها عام ٢٠٠٦ ففرضت حكومات من لون واحد عزز مشروعها وأوصلت حليفا مسيحيا الى سدة الرئاسة عام ٢٠١٦ لكنها لم تدرك يوما أن ثمة جمر تحت الرماد في مرفأ يعبق بالفساد والفاسدين فلم يكن هذا المرفق الحيوي والشريان الرئيسي تختبىء في دهاليزه وأنفاقه آلآف الاطنان من المواد المتفجرة التي يتم تداولها ولربما تغذي مشاريع فاسدة وربما إرهابية فتسقط ثوان قليلة عهودا من مشاريع توسعية إستعمارية كادت تقلب وجه لبنان صلة الوصل بين الشرق والغرب لبنان الكيان النهائي السيد المستقل ألوطن النهائي الحر.
لم يدرك الممانعون أن انتصاراتهم الكرتونية الوهمية من اليمن الى العراق الى سوريا فلبنان يتربص بها غرف عمليات دولية كانت تعد لها العدة للاطاحة بها ليس بسلاح اميريكي ولا فرنسي ولا صهيوني ولا امبريالي ولا رجعي، بل بفساد متجزر ومتأصل بعدما استفحل وغزى كافة الدوائر الرسمية والمؤسسات الشرعية فبات القاعدة وأضحت النزاهة هي الاستثناء، ولما لم يكن عنبر من عنابر المرفأ أحد القواعد التي تعج بالفساد، وقد كشفت أولى الساعات التي أعقبت الزلزال المدمر أن الكل مسؤول عن فساد هذا المرفق الحيوي فلا قيود ولا مستندات أقله خلال الاعوام السبعة الاخيرة عن المتفجرات المخزنة فيه ولا من يعلم كم هي الكمية المخزنة فيه وقد كان الفارق في الروايات يبلغ ٢٤٠٠ طن ( بالطالع أو بالنازل) بينما يصح إعداد مجلد عن قصة العصر الشهيرة والفضيحة المدوية التي بدأت فصولها في جورجيا على أن تنتهي في الموزنبيق لكنها انتهت في بيروت أم الشرائع لتحولها أم المدن المنكوبة المدمرة بفعل قصة فساد تاريخية سيخرج منها آلآف قصص التاريخ والافلام والروايات والتحاليل والمسلسلات التلفزيونية على مدى قرون من الزمن.
لقد ثبت أن محور الغرب كان أمهر من محور الممانعة في نصبه فخا لهذا الاخير. وكانت اداة هذا الفخ المريب تطويل حبل الفساد فكان هو الذي التف على عنق الممانعة فأطاح بها، وأربك ألسنتها والاكثر غرابة عدم اتهام أحد بما جرى ورفض تحميل أي كان المسؤولية حتى ذاك العدو الاسرائيلي الغاشم! فأعلنت براءته ، ولعل من المفارقات الكبرى أن تكون المرة الوحيدة التي أصر خلالها ” ألعملاء” وفق تصنيف الممانعين أن يصروا على أن العدو الاسرائيلي هو الذي قصف المرفأ بينما يلوذ الممانعون الصمت المريب رافضين اتهام اسرائيل بالقصف عليه والتسبب بالزلزال المدمر!
لن نعود بالذاكرة الى تهاوي رؤوس الانظمة الممانعة واحدا تلوا الاخر كأحجار الدومينو، كما لن ننسى الضربات المتتالية لرموز الممانعة من ايران الى سوريا ولبنان على أيدي الاسرائيليين وبايعاز وتسهيل من الروس حلفائهم بعد إعطائهم إحداثيات عسكرية لليهود لضربها وإطفاء رداراتهم وصواريخ ال اس ٤٠٠ المتطورة هل هي سياسة حمقاء أم استراتيجية فاشلة أم مشيئة إلهية بوقف هذا المد الزلزالي الذي كاد يجتاح أوروبا وأميركا بزلزال آخر تسبب بكارثة في بيروت ؟
في أي حال تاريخ يعيد نفسه، فالعاصمة اللبنانية شهدت عشرات الغزوات والحروب والاجتياحات وعادت لتنفض الغبار عنها وتنهض من تحت الردم، لكن هذه المرة كانت الضربة العاصفة من فساد حكم استفحل ليحولها الى ركام ورماد ومبعث لانقلاب جديد ،علها تكون عبرة للمستقبل مفادها أن الفساد والافساد يرتد على أصحابه. انه نتاج عربدة لزمرة الفاسدين المتآمرين على وطنهم والذين حكموا احدى عشرة سنة بعد الاحتلال فكانوا كمن يلعب لعبة مسدس البكر. انها الخاتمة لهم والمدخل الى لبنان جديد بالنسبة لشعب مقهور كتب له ان يدفع فواتير باهظة ثمن الفساد والنهب والافساد.
ما بعد ٤ آب لن يكون كما قبله بعدما أعطى الممانعون قرار إدارة الشأن اللبناني لدول العالم المتمدن على طبق من فضة. وعلى ما يقول المثل : رب ضارة نافعة. فهل لم يكن من مخرج لنقلة نوعية والتخلص من الفساد الا بعد مجزرة قضت على نصف العاصمة ؟!