باسيل يكمل تطهير التيار العوني من معارضيه
فصل التيار الوطني الحرّ، برئاسة النائب جبران باسيل، مدير عام الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء، إيلي عوض.
قبل يومين صدر عن مجلس التحكيم في التيار قراراً يدين عوض بمخالفات تنظيمية تقتضي “طرده من التيار الوطني الحرّ سنداً لأحكام البند 25 من عقوبات الدرجة الثانية وعدم قبول انتسابه إلا بعد مرور 4 سنوات من تاريخ صدور الحكم”. كما ألزم المجلس عوض تسليم بطاقته الحزبية إلى أمانة السرّ. اسم جديد يضاف إلى لوائح العونيين السابقين، أو “إكس تيّار” كما يحلو لأنصار العونية القول.
حسب ما تشيع الدوائر التنظيمية في التيار، فإنّ قرار فصل عوض جاء “نتيجة خلافات مع مسؤول المكتب التربوي روك مهنا”. هذا ما يشاع داخلياً، من دون الكثير من الأخذ والردّ. إذ باتت اتهامات الخيانة فعلاً منزّلاً، لا نقاش فيه ولا تساؤلات حوله. “هذا شأن داخلي لا يعني غير التيّاريين والتيّاريات (لقب منحه باسيل لأنصار التيار)”، يعلّق عدد من الحزبين غير الراغبين في خوض السجال ووضعه في الإعلام. وبينما تسوّق التكتّلات داخل التيار لهذا السبب المعلن، تشير أخرى مطّلعة على أجوائهم إلى أنّ “هذا السبب مجرّد تلطٍّ وراء أسباب أخرى”. وهذه الأسباب المخفية غير الخفيّة هي “معارضة عوض لباسيل”.
بالنسبة لعدد من التياريين والتياريات، عوض عوني، تيّاري. وهو عكس ما صرّح به قبل ساعات في أحد البرامج الحوارية نافياً انتماءه إلى التيار. هو عوني، غير باسيلي. انتقد عوض باسيل في أكثر من مناسبة تنظيمية. حمّله مسؤولية التدهور الداخلي الحاصل، ونتائج السياسات التي انتهجها باسيل، والتي يدفع ثمنها كل العونيين. فكانت النتيجة صراع داخلي تبنّاه المكتب التربوي بوجه عوض، وإحالة شكاوى إلى اللجان التنظيمية والتأديبية اللازمة، وصدور قرار الفصل لاحقاً. ومن يعرف التيار جيّداً، يدرك أنّ كل الهيئات التنظيمية، بما فيها المجلس التحكيمي، مجرّد أداة بيد باسيل للتخلّص من معارضيه. فقرارات الفصل تتوالى في التيار منذ مدّة.
ويعطي باسيل الشؤون التنظيمية أولوية على سائر الملفات الأخرى، بما فيها السياسية والاقتصادية. بعد فرض نفسه ديكتاتوراً على حزبه حيث ترأسه بالتزكية، وإرساء مبدأ التعيينات وضرب الانتخابات الداخلية، والتفرّد في إدارة التيار، يشكو باسيل من موجات المعارضة الداخلية. وهذه تتكدّس على أكثر من مستوى، منها السياسي ومنها النيابي ومنها الشبابي ومنها التنظيمي البحت. وقد اعتمد باسيل نهجاً في الأشهر الأخيرة يقول بضرورة تنسيب أيٍ كان للتيار، بغض النظر عن عمره واطلاعه وإيمانه، شرط الطاعة المطلقة للمنسّقين والهرمية التنظيمية التي يديرها. يدرك أنّه فشل في السياسية والاقتصاد وإدارة البلد، ويبحث عن تعويض ذلك داخلياً، من خلال تشكيل تنظيم ينفّذ ولا يعترض، يأتمر ولا يناقش. كما يلفت عدد من المطلّعين إلى أنه تمّ تنسيب أحد الأشخاص إلى التيار قبل أسابيع من تعيينه في وظيفة عامة في مجلس الوزراء. تم الانتساب على الرغم من تأكيد مسؤول المنسقية المعنية بأنه لا يعرف الشخصي المعني وغير مطلّع على موقفه السياسي وولائه. لكنّ الأمر تمّ، فنهج باسيل يقول “نحن هنا، تيّاريون وتيّاريات، مستمرّون، نتولّى الوظائف العامة، وننتشر”.
في النهج الباسيلي في التيار الوطني الحرّ فصام حقيقي في التنظيم. فصام الموقف العام، مع المعارضة لكن في السلطة، مع سلاح حزب الله ولكن مع أمن إسرائيل، ضد الفساد ومع الفاسدين، ضد الطائفية لكن مع المحاصصة، يترجم أيضاً فصاماً تنظيمياً. فبينما تأتي قرارات الطرد تباعاً، يستمرّ عدد من القياديين البارزين على جانب باسيل في التواصل مع العونيين المفصولين. هي موجة نقاش وحوار مستمرة، بتوجيهات من باسيل، بدأت مع 17 تشرين. حينها كان باسيل مرعوباً، كما غيره من القيادات الحزبية من انشقاقات وتدهور تنظيمي. ولا يزال باسيل وغيره، مرعوبين من السيناريو نفسه نتيجة الإخفاق والفشل. وتحديداً في التنظيم العوني، الذي اجتهد منذ سنوات في فصل ناشطيه. فاليوم عوض، وقبله إلسي مفرّج ووليم طربية وتوفيق سلوم، وقبلهم رمزي كنج وطانيوس حبيقة، وقبلهم العشرات. بات هؤلاء المفصولين يشكّلون تياراً منفرداً، قادراً على مقارعة تيار باسيل، فيه مؤسسون ومناضلون أوائل.
المدن