تحت المجهر

شوارع لبنان تتحول نارا ودخانا

لبنان يشتعل، إقفال طرقات، حرق إطارات، والأكثر إيلاماً أن قلوب اللبنانيين احترقت قهراً بسبب ما يعانونه من فقر وجوع وذلّ امام أبواب المصارف بهدف استحصال ما تيسّر لهم من ودائع قد لا يحصلون عليها بسبب ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية غير المسبوقة.

وأغلق لبنانيون الطرق باستخدام الإطارات المشتعلة وصناديق القمامة في أنحاء العاصمة بيروت وعدة مدن مع تجدد الاحتجاجات التي أججها التراجع السريع في سعر العملة مقابل الدولار والصعوبات الاقتصادية المتراكمة.

ومن مدينة طرابلس في الشمال إلى مدينة صيدا في الجنوب ردد اللبنانيون هتافات ضد النخبة السياسية وأضرموا النار على الطرق الرئيسة في أنحاء البلاد في أوسع احتجاجات من نوعها منذ فرض إجراءات العزل العام منتصف مارس (آذار) بسبب تفشي فيروس كورونا.

وفي وسط العاصمة، قرب ساحة رياض الصلح، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين كانوا يُلقون حجارة، حسب مشاهد بثّتها محطّات تلفزة محلّية. وقطع متظاهرون الطريق السريع شمال بيروت وأشعلوا إطارات.

وفي طرابلس، أطلق عناصر الجيش قنابل مسيلة للدموع لتفريق متظاهرين أمام فرع مصرف لبنان في المدينة، بعدما حاولوا اقتحامه، وفق الوكالة الوطنية للإعلام التي أشارت إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح ورضوض.

وقطع محتجّون طرقاً رئيسة وفرعيّة في المدينة، وألقيت قنبلة مولوتوف على فرع المصرف المركزي، بعد فشل محاولة اقتحامه. كذلك، سُجّلت تحرّكات مماثلة في صور وصيدا (جنوب) حيث أضرم محتجّون النار في مستوعبات النفايات.

توحيد الشعارات

وفي خطوة لافتة، وصل عشرات الشبان على الدراجات النارية من منطقة خندق الغميق (حيث نفوذ الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل) للانضمام إلى ​المتظاهرين​ على ​جسر الرينغ (وسط بيروت) ونادوا بالمطالب ذاتها. وامتدت الاحتجاجات كذلك إلى طريق المطار والمشرفية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وردد المتظاهرون هتافات ضد النخبة السياسية، وأيضا هتافات تدعو إلى الوحدة الوطنية، وذلك في أعقاب اشتباكات طائفية شابت الاحتجاجات في العاصمة بيروت الأسبوع الماضي.

وأدى ارتفاع سعر الدولار الأميركي في الساعات الأخيرة إلى عتبة السبعة آلاف ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد، في السوق السوداء، إلى نزول مئات لا بل آلاف اللبنانيين إلى الطرقات، رافعين شعارات أجمعت على تحميل الطبقة السياسية مسؤولية تردي الأوضاع التي وصلت إليها البلاد، ونادت بمحاسبة سياسيي لبنان الذين نهبوا أموال الناس والدولة، بحسب أصوات المحتجين الغاضبة.

جلسة طارئة

وسط هذه الأجواء، ألغى رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب مواعيده يوم الجمعة 12 يونيو (حزيران)، لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصّصة لمناقشة الأوضاع النقدية، عند التاسعة والنصف صباحاً في السرايا الحكومي، على أن تُستكمل الجلسة عند الساعة الثالثة في القصر الجمهوري.

انهيار اقتصادي

ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود. وتسبّبت الأزمة بارتفاع معدل التضخم وجعلت قرابة نصف السكان تحت خط الفقر.

ومساء الخميس، جاء في بيان لحاكم مصرف لبنان أنه “يتم التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بأسعار بعيدة عن الواقع، ما يضلل المواطنين، وهي عارية عن الصحة تماماً”.

وفي محاولة لضبط سوق الصرافة غير الشرعية، يعتزم مصرف لبنان بدء العمل بمنصة إلكترونية لعمليات الصرافة في 23 يونيو.

ودفعت هذه الأزمة مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة. ووجد عشرات الآلاف أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة يخسرون وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة إلى أكثر من 35 في المئة، حسب إحصاءات رسمية.

وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكلّ ما يُستورد، كالمفروشات والأدوات الكهربائية وقطع السيارات.

ولا تزال الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة وتعلّق آمالها على صندوق النقد الدولي في محاولة للحصول على أكثر من 20 مليار دولار بينها 11 مليار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً اجراء إصلاحات لم تبصر النور.

ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الإثنين إلى أن “لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية” شرط أن تكون مقرونة بتبني السلطات إصلاحات ضرورية ما زالت تتجاهلها.

اند

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button