تحت المجهر

فضائح العونيين وأكاذيبهم نفطاً وكهرباء: التضحية بأصغر جنودهم

“أكذب أكذب حتى يصدّقك الناس، ثم اكذب حتى تصدّق نفسك”. يلخّص هذا المقول مسار التيار العوني في وزارة الطاقة، التي أدّى “الإصلاح والتغيير” فيها إلى عجز بأكثر من 30 ملياراً من الدولارات، منذ العام 2009. وهو عجز تسبّب به النَّهَم و”الجوع العتيق” للعمولات والسمسرات والعناد النرجسي، في تنفيذ خطة كهرباء ثبُت فشلها منذ عامها الأول.

ويُضاف إلى هذه المليارات الثلاثين، بضعة مليارات متفرّقة تكبّدتها الخزينة العامة في بدعة البواخر التركية، وتوزعت بين كلفة الاستئجار المضخمة، التي فاقت أضعاف ثمن البواخر، وبين مكافآت بأكثر من مئة مليون دولار دُفِعَت تحت بند “مكافآت توفير الفيول”، وقد فنّدتها هيئة التفتيش المركزي في القرار 87\2013. هذا، من دون أن ننسى بواخر الـ 825 ميغاوات التي كان ينوي “مستشار الوزير” السيد سيزار أبي خليل استئجارها لخمس سنوات بمبلغ مليار و886 مليون دولار، مع العلم أن ثمن تملكّها بالكامل لا يتجاوز 650 مليون دولار.

لا كهرباء وسدود جافة
على خطٍ موازٍ للكهرباء، اهتمّ التيار العوني بملف النفط. فقام رجاله بتوقيع عقود استيراد الفيول والمشتقات النفطية كلها. ولعب التيار إياه دور الفاخوري الذي ركّب “أذن الجرّة” كما يريد منذ العام 2009. وكان آخر هذه العقود العقد الذي وقعته “مستشارة مستشار الوزير” السيدة ندى البستاني، صاحبة إنجازات السدود الجافّة.
وبعد الإفلاس والانهيار الاقتصادي الذي كانت الكهرباء سبباً أساسياً فيهما، وفجّرا ثورة 17 تشرين، شنّ التيار العوني هجوماً مرتداً على خصومه، محاولاً أن يرمي عليهم تهمة التسبب في إفلاس الدولة. ووصل الفصام بالعونيين إلى تبرؤهم التام من مسؤولية الفساد في قطاع الكهرباء، الذي احتكروه على مدى 11 عاماً. ورموا مسؤولية الفساد فيه على سواهم، متذرعين بعدم وجود أي دليل على فسادهم، علماً أن الدليل الكافي لإدانتهم هو إنفاقهم أكثر من نصف الدين العام على الكهرباء، ليظل لبنان بلا كهرباء.

احتكار القضاء
وفي بداية العهد العوني الرئاسي، أحكَم تيارهم قبضته على القضاء، فأمّن لنفسه “خطاً قضائياً كاملاً” في كل منطقة من مناطق نفوذه. وذلك بتعيين محاسيبه وأزلامه في النيابة العامة وقضاء التحقيق وقضاء الحكم، ليضمن سيطرته الكاملة على المسار القضائي لأي ملف يُفتَح في مناطق كثيرة.

واستخدم التيار خطوطه القضائية هذه، في تصفية حساباته مع خصومه ومع المنتفضين، وفي لفلفة الملفات التي تطاله بشكل أو بآخر.

وبعد تسليط الضوء أخيراً على فضيحة الكهرباء، وتناولها في كل التقارير المالية الدولية، بوصفها مسبباً أساسياً لإفلاس الدولة، استغل التيار قضية باخرة فيول شركة سوناتراك الجزائرية – لا تتجاوز قيمتها بضعة ملايين من الدولارات، وهذا رقم تافه مقارنة بمليارات الكهرباء – فأوعز التيار إياه إلى محامٍ من كوادره للتقدم بإخبار أمام قاضٍ محدد محسوب عليه، ليقوم هذا القاضي بالادعاء أمام قاضٍ آخر محسوب عليه أيضاً.

فجور وعصافير عونية
وكعادتهم قام العونيون بحملة “فجور إعلامي”، أرفقوها بكمٍّ هائل من التطبيل والتهليل والتضليل بشعارات مكافحة الفساد. ظانين بهذا أنهم يستطيعون تبييض صفحتهم في ربع الساعة الأخير من عهد مرشدهم في القصر الجمهوري.

ومسار ملف باخرة الفيول القضائي، يدل على أن التيار العوني يريد ضرب 4 عصافير بحجر واحد:

العصفور الاول: قطع الطريق على أن يسبقهم أي فريق آخر في تقديم دعوى متعلقة بوزارة الطاقة، أمام مراجع قضائية غير تابعة أو يمسكها العونيون، لئلا يؤدي ذلك إلى فقدانهم السيطرة على الملف.

العصفور الثاني: ضمان التيار سيطرته الكاملة على المسار القضائي، لئلا يستطيع إيقافه أو تمييعه، في حال وصول الموسى إلى ذقنون العونيين. وهذا نوع من ألـ “controlled experiment”.

العصفور الثالث: تحويل الأنظار عن الفضيحة الكبرى، فضيحة الكهرباء التي تحظى باهتمام دولي كبير، وقد تكون السبب الأساسي لفرض عقوبات على بعض القيادات العونية.

العصفور الرابع: هو الأهم، ويتجلى باستخدام التيار العوني سيطرته على مفاتيح التحكم بدرجة حرارة الملاحقات القضائية، وبمنسوب وسرعة الاستدعاءات إلى التحقيق، لابتزاز خصومه السياسيين، ومنعهم من تشكيل جبهة موحّدة لمواجهته وإسقاط عهده.

بداية المحرقة العونية؟
يبقى اللافت في هذا السياق: حملة أبواق العهد على وسائل الإعلام. وهي حملة تكشف عن أن العونيين على إحاطة كاملة بكافة تفاصيل التحقيق، المفترض أن يكون سرياً.

واللافت أيضاً هو توقيف مدير عام النفط أورور الفغالي المحسوبة مباشرة على رئيس التيار. وهذا دليل على واحد من أمرين: إما أن يكون التيار على يقين تام بأن الملف سيبقى تحت سيطرته، وبأن الفغالي سوف تخرج من السجن بعد استثمار توقيفها سياسياً وإعلامياً. وإما أن يكون الملك قد قرر التضحية فعلاً بأصغر جنوده.. كشّ ملك.

لؤي غندور – المدن

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button