الخديعة الكبرى لخطة “العهد”: الأموال المطلوبة لن تأتي
تتحدث الخطة الاقتصادية عن عجز في موازنة الدولة، والحاجة الضرورية لـ 28 مليار دولار. 10 مليارات من صندوق النقد الدولي، و11 مليار من مؤتمر سيدر. يبقى لبنان بحاجة إلى 7 مليار دولار. لكن المعلومات تؤكد أن “سيدر” قد أصبح رميماً. وبالتالي، لا يمكن الرهان على مشاريع استثمارية حقيقية بموجب مؤتمر سيدر، خصوصاً بعد أزمة كورونا. الإنفاق المقترح في سيدر هو إنفاق غير ذات بعد تنموي. أما الطموح بالحصول على 10 مليارات دولار فهو غير واقعي، لأن الصندوق يمنح التمويل بقدر مساهمة الدول. والمبلغ المقدر لأن يحصل عليه لبنان يقارب 3 مليار دولار، يتم تسليمها على دفعات، ووفق شروط.
أموال بعيدة المنال
الشروط التي يضعها صندوق النقد واضحة، وتتعلق بزيادة الضرائب، رفع الضريبة على القيمة المضافة، خصخصة القطاعات المنتجة، تحرير سعر الصرف، وغيرها من الإجراءات القاسية، كتخفيف عدد الموظفين في الإدارة العامة. وهذه ستفترض أيضاً وصاية دولية على السياسة المالية. ولن يكون عندها أي صلاحية لبنانية لإصدار التعاميم المالية. وهذا كله سيؤدي إلى تفاقم المشكلة الاجتماعية لدى الناس. ومن عيوب الخطة أيضاً، انها تركز على تخفيض القدرة الشرائية للناس، التي ستؤدي إلى تخفيض منسوب الاستيراد. ما يعني ازدياد الإنفاق والبطالة. أما بما يتعلق باسترداد الأموال المنهوبة، فهي بعيدة المنال، لأنها تحتاج إلى سنوات وسنوات لإثباتها قضائياً على الصعيد الدولي.
الأهم في الخطة، هو إنشاء صندوق سيادي، يهدف إلى تعويض الخسائر، من خلال الأملاك التي تمتلكها الدولة، واستعادة الكثير من القطاعات التي تمتلكها الدولة، كشركة الميدل إيست، المرفأ، قطاع الاتصالات، الكهرباء، الكازينو، الأملاك والمشاعات، وكل الأصول غير المنقولة، سيتم وضعها في هذا الصندوق. وطرح هذه الأملاك كأسهم على الناس، وهم الذين يمتلكون المال ويدخلون شركاء في هذه الأسهم. كاستنساخ لتجربة سوليدير. على أن تستمر هذه العملية لخمس سنوات.
تفاؤل بغير محله
حتى هذا السيناريو على خطورته، يبقى متفائلاً، ومفرطاً في التفاؤل، بالحصول على أكثر من عشرين مليار دولار، هي عبارة عن قروض. لكن، حسب ما ترصد مصادر ديبلوماسية، فإن هذه الأموال لن يحصل لبنان عليها. فيما الأساس يبقى في السيناريو البديل للخطة، والذي يُختصر بصفحتين منها. ويتحدث هذا السيناريو أن لبنان ربما لن يحصل على الدعم الخارجي. ما يعني أن الوضع سيكون أسوأ بكثير. ووفق هذا السيناريو، سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في مخاطر الانهيار الكامل، لأن حتى رهن أصول الدولة أو بيعها لن يفي بالغرض المطلوب.
يعني هذا الكلام، أن لبنان لن يحصل على هذه الأموال والمساعدات والقروض. وقد تقتصر مصادر المال على حوالى ثلاثة مليارات دولار. وعندها كما عوّدنا “العهد” سنصرخ مجدداً أنه لم يُسمح للدولة بإنجاز ما يمكن إنجازه. وهذه المرة، الجهة التي ستكون قد عرقلت هذه المساعي، هي الجهات الدولية، وليست الجهات المحلية.
هناك خديعة كبيرة تحصل تحت عنوان مكافحة الفساد، فيما الموضوع الحقيقي هو عبارة عن سياسات اقتصادية شاملة ومتكاملة. وما دعاية مكافحة الفساد إلا بهدف إعادة توزيع المغانم على القواعد التحاصصية القائمة والمعروفة بين “المنتصرين” اليوم.
لن تقدم الخطة أي اهتمام بالمواطنين العاديين والموظفين وأصحاب الرواتب المنخفضة، والذين لم تلحظ الخطة أي فكرة للحفاظ على القدرة الشرائية لهؤلاء.
منير الربيع – المدن