تحت المجهر

فرنسا ترفع يديها عن جبران باسيل.. وتراه مسؤولا عن هدم البيت الداخلي اللبناني

حصل “عربي بوست” على معلومات تفيد برفع فرنسا يديها عن تأييد جبران باسيل للوصول إلى الرئاسة، بل وعدم رغبتها في وصول الرجل إلى المنصب.

وعلاوةً على رفض فرنسا، فلا رغبة أمريكية في وصوله، وهذا ما بدا خلال المرحلة الماضية باستثناء المسؤولين الأمريكيين الذين حطت رحالهم في بيروت من لقاء الرجل أو التواصل معه، وحتى وزير خارجية الفاتيكان.

التقى باسيل منذ أشهر في هنغاريا خلال مؤتمر الاضطهاد الديني مساعد وزير الخارجية ديفيد هيل، الذي قال له إن هناك سخطاً دولياً على أدائه وخطابه وسياسة تياره في الحكم، لكن باسيل لم يغير من أدائه بل كان سبباً رئيساً في إجبار سعد الحريري على الخروج من المشهد الفعلي اللبناني بسبب تمسّكه بمعادلة أنا والحريري خارج الحكومة أو نحن سوياً داخلها، ما سبّب مجدداً أزمة سياسية.

خطوات سبقت الموقف الحاسم

يشير مصدر قيادي في تيار المستقبل لـ”عربي بوست” إلى أن باريس تشترط على المسؤولين اللبنانيين منذ عام 2018 تنفيذ الإصلاحات ليظهروا جدية في اتجاه تحرير الليرة اللبنانية، وهو أمر ما زال لبنان يتردد كثيراً في تنفيذه.

أما المطلب الثاني فكان معالجة “ترشيق القطاع العام”، والذي تم بتوظيف المئات من الموظفين في المؤسسات الرسمية، غالبيتهم لاعتبارات انتخابية وطائفية.

والمطلب الثالث كان معالجة ​أزمة الكهرباء والنفايات​، إذ لا يُمكن أن تمنح فرنسا الدعم للبنان وتبقى تلك القطاعات على هذه الحالة المزرية.

هذا الموقف تم إبلاغه  لبيروت إما عبر مواقف لوزير خارجيتها، أو لمسؤولين لبنانيين وعرب التقوا مسؤولين في الإدارة الفرنسية وأعربوا عن استيائهم من عدم تنفيذ الحكومات المتعاقبة لبند الإصلاحات المتفق عليها بمخرجات سيدر، وبدا في مؤتمر سيدر الذي عُقد في باريس في أبريل/نيسان 2018 حبراً على ورق.

حصل حينها لبنان على وعود بمبلغ 11 مليار دولار على شكل قروض ومنح، مقابل جملة من الإصلاحات، لكن الإدارة الفرنسية رأت أن الأموال ذهبت لجيوب المسؤولين ومشاريعهم وشركاتهم الوهمية، في حين أن قطاعات الكهرباء والاتصالات والنفايات لا تزال تُمنى بالوعود الفارغة بإنجاز مشاريع لم تؤتِ ثمارها حتى اليوم.

ثمة اتهامات تشير إلى باسيل ومستشاريه والتيار الوطني الحر بالمسؤولية عن هذا الفساد، إذ  تعاقبوا على تلك الوزارات خلال السنوات التي تلت خروج الوصاية السورية من لبنان، والتي كان المسؤولون اللبنانيون يتحججون فيها لعدم إجراء أي إصلاح في بنية الدولة وخدماتها، ما ولَّد قناعة عند الإدارة الفرنسية أن فريق باسيل يمارس نوعاً من تدمير الدولة وأخذها نحو المجهول.

فرنسا.. حاضرة في بيروت 

هناك حرصٌ واضح على إيصال الرسائل المستمرة من باريس إلى لبنان بهذا الصدد، حاجة فرنسا للحضور السياسي في بيروت كراعية للمسيحيين خصوصاً في ظل محاولات روسيا لأخذ المبادرة بحكم حضورها المستجد في سوريا منذ سنوات ما أسس لإعادة موسكو لخارطة اللاعبين المحتملين في المشهد المحلي اللبناني.

باتت هذه حجة للمسؤولين اللبنانيين لتسويق أنفسهم لدى القيصر بوتين الحالم باسترجاع الإمبراطورية الروسية على أرض الشرق، وتمت ترجمتها بإعطاء امتياز لشركة نفطية روسية لبناء خزانات النفط في مدينة طرابلس شمال لبنان، إذ شهدت موسكو منذ سنوات زيارات مسؤولين لبنانيين غابوا عقوداً عن التواصل مع الكرملين آخرهم المرشح الأبرز للرئاسة اللبنانية سليمان فرنجية الذي يحظى بدعم داخلي أوسع من باسيل.

تمرير التعيينات الإدارية بسبب كورونا 

ومع تزايد المناكفات المستمرة كانت هناك محاولات من الوزير جبران باسيل لتمرير التعيينات القضائية والمالية في ظل انشغال اللبنانيين في أزمة كورونا وانحسار الثورة لتصبح ثورة إلكترونية.

ويرى مصدر مطلع على مجريات ملف التعيينات أن باسيل كان ينوي الاستحواذ على الحصتين المسيحية والسُّنية وجزء من الشيعية لشخصيات مقربة من فريقه السياسي، لكن هذا الأمر اصطدم بمواقف عالية النبرة لحلفائه في الحكومة، وهم حركة أمل وتيار المردة، وهدد بفرط عقد الحكومة عبر استقالة وزراء المردة وأمل من الحكومة.

أدى ذلك لتدخل حزب الله والمعاون السياسي لأمين عام الحزب حسين الخليل الذي تواصل مع باسيل وسحب ملف التعيينات من التداول في جدول أعمال حكومة حسان دياب.

لكن ما أزعج باريس هو محاولات باسيل محاصرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يحظى بدعم فرنسي منذ 25 عاماً كونه حارس الخزان المالي اللبناني، الذي تدعمه واشنطن ولندن وباريس عبر محاولات باسيل تطيير نواب الحاكم المركزي المحسوبين على الحريري وبري، ما اعتبرته الإدارة الفرنسية تنفيذاً لسياسة حزب الله العدو اللدود للحاكم المركزي للمصرف وللمصارف اللبنانية.

ويحاول الحزب تصفية حسابه معها بسبب تنفيذها القرارات الأمريكية في حصار حزب الله وحلفائه مالياً.

وأمام هذه الأحداث وجدت فرنسا أن باسيل بات العائق الأساسي في الحفاظ على التركيبة اللبنانية والمحافظة على التوازن حتى داخل البيت المسيحي بسبب عداء حزبي القوات والمردة لباسيل، وصراعه مع حليفها سعد الحريري.

الفرنسيون: لا نريده رئيساً

أراد رئيس الجمهورية ميشيل عون عقد الاجتماع الدولي في الذكرى السنوية الثانية لانعقاد مؤتمر “سيدر” الفرنسي الذي تعهدت فيه مجموعة الدعم بتقديم 11 مليار دولار لمساعدة لبنان.

وهذا ما ذكّر به الرجل المجتمعين، متجاهلاً أن مخرجات “سيدر” طواها الزمن بسبب عدم إجراء الإصلاح المالي والإداري.

لكن السبب الرئيسي لعقد الاجتماع هو ما وصل لعون على لسان المبعوثين الفرنسيين بتأكيدهم أنهم لا يريدون ولا يؤيدون وصول جبران باسيل للرئاسة اللبنانية، وأنه غير مناسب للمرحلة المقبلة.

يدرك عون خطورة الموقف الفرنسي، الفرنسيون هم مَن أقنعوا واشنطن في عام 2016 بالقبول بعون رئيساً بسبب دعم الحريري وجعجع له بالوصول لسدة الرئاسة حينذاك، واليوم يأتي الموقف الفرنسي الذي وجدت فيه تيارات لبنانية انفراجة في طيّ صفحة باسيل المسؤول عن تراكم الأزمات وسكوت حزب الله المتكرر عنه على حساب حلفاء آخرين، ما يعزز حظوظ شخصيات أخرى تنتظر دورها بالصعود لقصر بعبدا.

الوطني الحر: ليس لدينا معلومات عن موقف فرنسي

يرفض التيار الوطني الحر الكلام عن مواقف خارجية من ترشيح باسيل للرئاسة، ويؤكد أن قرار لبنان يجب أن يكون داخلياً بعدم تدخل الدول في القرارات والمواقف، وهذا ما يحاول التيار تعزيزه منذ سنوات بحسب مصدر رفيع المستوى في التيار لـ”عربي بوست”.

ويؤكد المصدر أن هذا الكلام يندرج في إطار محاولات بعض القوى لتسجيل نقاط على التيار “حسب وصفه”، مشيراً إلى أن ترشيح الوزير باسيل أو غيره يعود لقرار داخلي في التيار الوطني الحر وحده، وأن علاقة تياره مع باريس والدول الأخرى جيدة ومبنية على أساس احترام متبادل.

عربي بوست

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button