منذ كنت طفلاً، كنت أشعر بالأمن كلما زارنا قريب أو صديق بهذا اللباس.
هذا اللباس يظنه البعض مجرد قماش.
هذا اللباس نسجنا نحن اللبنانيون كل خيط فيه من شقانا وتعبنا وجوعنا وحرماننا منذ زمن القلة والحاجة إلى اليوم.
هذا اللباس غسلته أكف نسائنا مذ كانت أمهاتنا تغسل في الطشت واللكن وإلى اليوم.
دفعنا من أنفاسنا ولهاثنا وحرماننا كل قرش ربينا فيه أبناءنا حتى صاروا شباباً، والتحقوا بالجيش.
فلكم دخلتُ بيوتاً، ورأيت أبناء ونساء يلمّعون رناجر الأبناء أو الأباء العسكر في بيوتهم. كانوا يفعلون ذلك بحب وامتنان.
ولكم رأيت أثناء تجوالي في شوارع بلدتي وكثير من البلدات على حبال الغسيل في حدائق البيوت وفوق أسطحها لباس الجيش. إلى درجة أن ضيعتي التي فيها ما يزيد على 6000 عسكري بين متقاعد ومتطوع في كافة الميادين. صارت أسرها تزوج أي شاب يتقدم لابنتها بزيه العسكري.
نعم أنا من بلدة فيها أكثر من عشرة شهداء من الجيش اللبناني. وليس فيها أي شهيد لصالح سواه.
فكيف لا أحب هذا الجيش، وجاري جندي، وأبناء جاري جنود، وأخوال أبنائي جنود، وأبناء أعمامي جنود، وأبناء عماتي جنود، وابن خالتي الوحيد جندي، وأبناء أختي وأصهرتي كلهم جنود؟!
كيف لا أحب هذا الجيش، وقد أحبّته أختي ربيعة، وماتت وهي تحلم بأن تتزوج جندي؟!
ما كان هذا الجيش يوماً عابر سبيل في وطني. ولا كان طارئا على أرضنا وحياتنا. ولا عبئاً علينا.
بل لطالما كان هذا الجيش حلم أبي، وحلمي، وهو اليوم حلم أبنائي. لذلك
تحية لجيش فيه هذا العميد الذي يبشرنا بالعودة إلى الدولة والأمل بها.
ويا جيشنا أحبّك.
عمر سعيد