هي واحدة من نساء حكيم العاقل اللّونيّة.
حكيم العاقل تشكيلي يمني، عرفته بلوحاته الثريّة بألوانها المميّزة.
شمسٌ حمراء دمويّة، وسجّادة غلب عليها اللّون الأحمر، وإن بريشة مدروسة .
وامرأة داخل جسدٍ متكوّرٍ في حضن الشّمس، وتحت قبّعة، وداخل فراغ، يكاد يكون معتمًا.
فما الّذي أراد أن يقوله حكيم العاقل في عمله هذا؟
هل أراد إخبارنا أن دماء الحرب ابتلعت شمس المرأة، ودماء أنوثتها؟!
أم أنّه أراد أن يخبرنا أنّ حزن الأنثى لا يختبىء إلّا خلف الألوان؟!
بحركة لا شعورية تدلّت يد المرأة بين فخذيها، تغطّي فرجًا، لا تأبه حرب الذّكور الشّرقيّة بغير غشاء بكارته.
ربما كانت حركة اليد إشارة إلى بعد نفسي، ينال من أنوثتها بالخوف من غياب شمس الجسد، واتّساع رقعة الفراغ من حولها، والرّغبة في أن تقبع تحت سقف قبّعة ترابيّة اللّون، مخروطيّة الشّكل، وقد راحت تمسح بيمينها دمعها، وتسند رأسها المتعب ممّا يحصل في وطن لا يبالي بها.
جلست أنثى العاقل اللّونيّة عند حافّة سجّادة، تكاد تلامس مربّعين فقط من مربّعاتها العشرين، الّتي أظنّها ترمز إلى سن صلاحيّة زواج الأنثى الشّرقيّة.
ليظل السّؤال الّذي لا يحتاج إلى إجابة:
لم تكوّرت، وقد أدارت ظهرها للشّمس الحمراء؟!
ومتى تكون الشّمس حمراء إلّا في وقتي الحروب والغروب؟
حين رأيت هذا العمل، سمعت في داخلي صوت تلك الأنثى، تقول: أكتبني..!
عندها أدركت أنّ حكيم العاقل يصرخ بألوانه الّتي خبأ خلفها نساء اليمن اللّائي خفن من حرب، تجاهلتهن عقلًا، وقلبًا، وروحًا، وفكرًا، وجسدًا.
عمر سعيد