رأي حر

من يشترى القوّة يقتني الهزائم – بقلم عمر سعيد

إنّ استعراض السّلاح لا يعني بتاتًا امتلاك القوّة.

فالقوّة لا تُمتَلك، لأنّها أصيلة حيث تظهر.
لم يفرّ يسوع إلى حفرة، ولم يسكن أربعين عامًا في ملجأ، لا يصله إليه أحد.
كذلك الحسين، لم ترهبه جيوش العدو وقوّتها ومناجيقها، وعدد السّيوف والأكفّ القابضة عليها.
وبشير الجميّل أيضاً ما أخافته جيوش الشّرق قاطبة، يوم جاءت ذئابها تعوي ليلًا.
حتى سمير جعجع، جلس مطمئنًا في مكتبه، ينتظر عسكركم المحتل الآتي لإلقاء القبض عليه.

مذ أن تقدّم يسوع السّوط تحت صليبه، يصلّي لخلاص حامله. ثمّ اعتلاه حامدًا.
وقد كانت جيوش هيرودس تصول في الشّرق والغرب، تفري بسيوفها عظام كلّ معترض، ظلّ وحده على صلاته، يقاوم المسمار. مذّاك تساقطت السّيوف، وارتفعت صلبان الحقّ.

ومذّاك أدرك الحسين في باب المدينة أنّ الرجوع أوّل الهزائم. فاتّكأ على قوّته الأصيلة، وما تراجع يفتّش عن ملجأ، ولا أرسل من يلاقي الموت عنه.
مذّاك ما هاب بشير الضّوء الّذي أشعلته متفجّرات حقدكم، فوقف في الموت كما في الحياة يمدّ اللّبنانيّين بإيمانه وقوّته، الّتي ما لواها غير الغياب.
ومذّاك.. اطمأن سمير جعجع خلف مكتبه. يوم عجزتم عن إخافته، ودفعه إلى الملاجىء، فقمتم باعتقاله، وإخفائه قصرًا، وقد كنتم لخوفكم وخشيتكم منه؛ تأتون به إلى محاكمكم بجيوش، لا تكفي لطمأنتكم أنتم.
مذّاك.. جلس داخل سجونكم يقرأ، ويؤمن أنّ الوطن الّذي في صدره؛ لا يمكن أن يموت.
وقد وقف يومها وحده على صنّين من إيمان وقوّة وإرادة، حتّى استعاده الضّوء، واسترجعته الشّمس، وحجبتكم.

ومذ أربعين عامًا، وأنت تسكن العتم والظّلام والبعيد، الّذي لا يقصيك عن التّهديدات، بل عن خوفك ومخاوفك، الّتي جعلتك بالأمس تلوّح بامتلاكك السّلاح الّذي تظنّه قد يقيك السّقوط، وتهدّد بحرب أهليّة، تتوهّم أنّك قد تخرج منها منتصرًا، لتغادر مخبأك.

يا سيّد العالِمِين.. تعلم أنّ سلاحك، لم يقوَ على غير النّساء والأطفال العزّل حيث غطّاك الطّغاة.
وتعلم أنّ حربك الأهليّة؛ ستكشف عورتك وسوءتك، الّتي غطّيتها بالكذب طوال عقود.
إنّ القوّة الّتي يوفّرها السّلاح قوّة بمتناول كلّ من يعرف طريقًا إلى امتلاكه.

أما القوّة الحقيقيّة فهي الّتي جعلتك تتوارى وتختبىء، لأنّك لا تملك طريقًا إليها.

فدع عنك استعراض السّلاح، واشفق على نفسك من مخاوفها.
فمن يشتري القوّة بالسّلاح، يقتني الهزائم في الحروب.
عمر سعيد

Show More

Related Articles

Back to top button