رأي حر

العنوان – بقلم عمر سعيد

العنوان
ليس العنوان مجرد عدد من الكلمات، تكتب بخط عريض فوق النص أو المضمون.
ولأن النص ليس مجرد ابن، ولد بفعل الفطرة البيولوجية بعد علاقة بين ذكر وأنثى، وبغض النظر عن ماهية الذكر والأنثى المعرفية أو الثقافية أو الفكرية.
ولأن الجنين ينتج عن اتصال عضوين تناسليين، لا قيمة للوعي أو الجهل أو المعارف في تلك العلاقة.
ولأن الأباء غير مسؤولين فعليًا عن منتجات أعضائهم التناسلية، نراهم ينتهون من تسمية أبنائهم بأبسط تكلفة، وجهد، وغالبًا بلا أية دلالة.

وهذا مألوف في تسمية الأبناء، أو المحال التجارية، وغيرها، لأسباب تحرمنا من التدخل.

غير أن الأمر في النص مختلف جدا، ذلك لأنه من المفترض أن ينتج العنوان عن حد معقول من المعرفة، والوعي، والفكر.
وبالتالي فعنوان النص هو أخطر ما قد يفضي إليه المضمون حسب رأيي.

وبعض الكتاب كأولئك الذين لم يخطر ببالهم بتاتا أن الاتصال بين عضوين ذكري وأنثوي، سينتج حبلاً.. لذلك نرى كيف يستسهلون العنوان، وتسمية النص.

قرأت عن إصدار بعنوان “فارسات الشعر”
استوقفني العنوان ليس لأكثر من ركاكته.
فأن تسمع بهذا العنوان خلال بدايات القرن الماضي، فإن الأمر معقول، نظرًا لقلة عدد الذين يجيدون القراءة والكتابة، أو بسبب ركاكة الوعي الجماعي معرفيًا.
غير أننا في عصر بات يضج بالقراء، والمثقفين وأصحاب المعرفة.
ففعل الشعر أسمى وبكثير من فعل الفروسية، فأين التميز في تشبيه الشاعرات بالفارسات؟!
ولأن النصيحة مسؤولة عنها دار نشر، أجدني مضطرًا للكتابة، والتناول.
فمسؤوليات دور النشر أكبر وأبعد بكثير من تجميع الورق ضمن غلاف، وفي صفحات..
لأن الكتب ليست مجرد أوراق مكدسة.
إن عمل دور النشر عمل تنويري تبشيري، لا يمكن له أن يتوقف.
وإن كل كتاب هو أشبه بنبي.
ولا حجة لنبي في استسهال رسالته.
ولا يمكن التساهل في أسماء الأنبياء.

فدور النشر هي الصانع الأفضل لكل جمال.
ولا ينبغي لها أن تنال من العقل والذوق والجمال بمبرر حرية الكاتب، وبمبرر العلاقة المالية.
ولو أردنا أن نحصي عدد العناوين التي تقصي القارىء عن المضمون، لاحتجنا إلى مجلدات لإحصائها، وبالتالي نستطيع أن نفهم تأثير العناوين في صقل الذوق وتوسعة الخيال وإثارة شهية القارىء، ونستطيع أن نعي خطورة ألا تولي دار النشر أية عناية للعنوان.
عمر سعيد

Show More

Related Articles

Back to top button