انا وبشير الجميل .. (بقلم عمر سعيد)
لست لا أعرف دافع الغضب الذي ينتابني ، عندما يتناول قزم من هنا أو من هناك عملاقا كبشير الجميل بما في نفسه من وضاعة ..
بل أعرف وجيدا وجدا ، وعميقا مبعث ذلك الغضب ، ومنابته النبيلة ..
أنه من تربة ليست بعيدة ، تربة مباركة ، كانت يوما جسدا لأمي فاطمة ، حين جلسَتْ مساء على حافة عتبة باب بيتنا النائي في شرقنا المسود بالجرائم ، وقد أثقل كفَها خدُها ، تاركة دمعها يسيل ..
كنتُ يافعًا ، وكانت بروحها العذراء التي لا تعرف إلا الحب ، تعي ، وبعمق اشد بكثير مما يدعيه وعاة أقزام السياسة اليوم : ” أن الأوطان رجال تبكيهم أرواحنا دون أن نلتقيهم أجسادا عن قرب ” .
لم تكن تلك الفاطمة الأمية تعرف اكثر من غضبين : ” فليرحل كل الغرباء .. خربوا بلادنا ” ..
احببتُ بشيرا لدمعها يحرق كبدي ، ولعينيها وقد غطتهما جمار البكاء على رحيله ..
احتضنتني بصمت وعجز ، وقالت : ” الله يصبر قلب أمه ، شب متل طربون الحبق ”
غضبت يومها .. وازددت حبا له .. ولا زلت ..
بشير الجميل لم يقتل .. لأنه ككل العمالقة ، لا تنال منها أكف التافهين الأقزام إلا بدمار يقتل أوطانا بكاملها.
لذا يظل بشيرًا يتعملق يوما بعد يوم وحزنا بعد حزن ، وويظلون طفحًا طارئا ، يتلاشون حقدا بعد حقد وكراهية بعد كراهية ..
وأنا على ثقة ان ذلك الطفح التافه ، كان يصلي في شبابه علّه يكون مرافقا في سيارة من موكب السيارات المرافقة لفخامة البشير .
إلا انها عدالة الكون ، تمنح العملاق صليبا لا ينحني مجده ، وتعطي القزم ذلا لا تنظف نتانته ..
فيستشهد الأول ، ويخون الصغير شرفه العسكري ، لتخجل منه بزته العسكرية ما عاش .
امثال هؤلاء الأقزام سيموتون بجلود جافة لا يرطبها بخور الأرز ، ليبقى ذكرهم على حواف النذالة والأماني الكريهة التي لن تمكنهم من غير الحقد والعجز .
بشير الجميل استحق لبنان فخامته وشهادته وسامين على صدر التاريخ..
وهم في حقدهم غافون ..
عمر سعيد .