إلى روح الطبيب الفقير محمد العجمي.. (بقلم عمر سعيد)
سليل عروة بن الورد في صناعة الرحمة.
كالصبح بلا نهار، أطليت يا سيدي.
وكذا هم الفقراء، يملكون أخيلة وأحلاماً، ولا عروة بعدك ينيخها أمامهم.
ينال منهم الإنسان فيهم، إذا ما داهم الجوع الحياة.
أنا لا أبكيك، يا عزيزي.
أنا أبكي آخر الصعاليك الذين يوقظهم ضعفهم وعجزهم الذي لا يحول بين لحمهم والغيلان.
أتدري ما يشبنها فيك؟!
هو ذلك الصراخ الذي يكاد سامعه يعتقد أنه صوت من سماء.
ومتى كانت الأرض تلتفت لرجاءات السماء؟!
لذا رحلتَ..
رحلتَ وقد أفلتَّ قبضتك عن أخر شرايين المحاولة التي كنت تشدها على عصبنا المتهالك.
وحده الموقف صنع الإنسان فيك..
فكنت تستحق السوح، وتستحق سماؤك كل الصراخ.
وتباً لكل الحناجر التي شاخت من السكوت.
تباً لكل العيون التي أغشاها الظلام، وقد أحجمت عن النظر صوب الضياء.
حين يسقط الرجال أمثالك ينهض في الأرض ألف ألف صعلوك للبكاء.
يبكونك، لأن سقف الرجاءات بعدك، بات أخفض من سقف المدينة.
يبكونك، لأن لون الدماء ما عاد يشعل في القاتل حياء.
يبكونك، لأنك كانت تملك نافذة، يطلون منها على السماء.
فعلام يطلون، إن غدت الأرض بهم ظلاماً، ليست تكشفه السماء.
وكفى أنك تصفعهم في كل موقف خلفته بعدك، يشبهنا فيه جرحك، وحملك، وحلمك، لنظل نرجو أن نشبهك فيما أتممت من ضياء.
#عمر_سعيد