رأي حر

لقد عرّتكم الرتب يا عون ! (بقلم عمر سعيد)

بعض الناس يصنعون رتباً لأنفسهم بخيوط التجارب والروح والصبر والألم والعزيمة والإصرار.

وبعضهم يحاول صنع نفسه برتب، تكون قد عرته وكشفت كل زيفه وادعائه وخوائه المزمن، فتتركه على هامش التاريخ عبرة للباحثين عن العبر.
وأبرز الذين عرتهم رتبهم، رئيس هذا العهد، الذي لم يبق له من شيء يستر به عريه، بعد مسيرة التعري التي انقضى منها أكثر من نصف المسافة.

فماذا لو أن ميشال عون لم يحمل رتبة رئيس البلاد، واكتفى برتبة الجنرال؟!
أما كان قد بقي له من الأعذار ما يرحم تجربته التي غصت بالتعريات العسكرية والإدارية ؟!
لقد أثبت عون مقولة أبي بكر الصديق : ” نحن قوم فينا جاهلية ”
وأكثر دلالات الجاهلية في هذا الرئيس هي حالة الوثنية التي أنتجها في أتباعه الماضين إلى التيه، وحالة الجمود واللامسؤولية التي يمارسها في البلاد، ومن فيها من خلقٍ يزداد إيمانهم يوماً بعد يوم بضرورة التخلص من تجربة أصنام قريش الجديدة في هذا الركن من صحرائها المترامية التخلف.

فعون كباقي الرؤساء العرب وعلى مر التاريخ. من الجاهلية إلى زمن الإسلام وما تلاهما.
شخصية تؤمن بأن الكرسي لا تحتمل إلا هو ..
تلك النظرية التي لم ينج منها حاكم عربي على مر التاريخ، فإما مات دونها، أو قَتل في سبيلها، أو نُحر فوقها.
وما من حاكم عربي في التاريخ إلا وقد ثبّت في دولته من مواليه وإيمائه آلافاً تفي التسبيح بحمده، وتضمن ديانته إلى زمن لا يُغتال فيه كل وعي.

عندما أجرى ديغول استفتاء حوله في فرنسا، وعلى الرغم من ظهور النتائج لصالحه، إلا أنه استقال، وأفسح المجال لسواه.
فيا فخامة الرئيس عون، قد تحتمل الجندية ضابطاً أصغر من زيه العسكري، وقد تتسع كتافيات البزة العسكرية لرتب، تغطي فشلَها الأعمالُ الإدارية وراء الجدران.
إلا أنه هناك رتباً، لا تحتمل تحتها أكتافاً هزيلة، ولا يمكنها ستر أجساد ضمرت تحت جسامة المسؤوليات الوطنية.
لذا فقد عرتكم الرتب، وقد آن الآوان لخلعها قبل أن تخلعكم، والإقرار بالعجز، إفساحاً في المجال للقادرين على إنقاذ ما تبقى من الوطن.
عمر سعيد

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button