رسالة الى العميد ريمون ادة .. (بقلم د.علي عواد)
أول رسالة أرسلتُها الى باريس بتاريخ غير محدّد من العام ١٩٨١،أنشرها بمناسبة الذكرى العشرون لوفاة “ضمير لبنان”.. تبعها عدة رسائل.
حضرة العميد
لستُ ادري كيف ابدأ ومن أين .. هل ما سأقوله هو الصواب على مرارته أم هناك من مبالغة ؟
عميد ، اصبح الناس شتاتاً تلملم اليأس وانعدام الثقة . أضحى المجتمع فاسداً : الحيتان تعيش في البحار والشوارع هنا مملوءة حيتاناً ، الكبير يأكل الصغير ، يمضغه ويمصّ دمه ثم يلفظه . أمراض اجتماعية طائفية تعصف بالمجتمع المهشّم المقسّم المنكسر ، هشّموه وقسّموه وكسّروه .
ليس هناك من مسارٍ محدّد واضح ، كل (زعيمٍ!) يغني على ليلاه ، مناورات والاعيب سياسية يذهب ضحيتها الشعب المحبط الصابر . نعم انه الاحباط بعينه لكلّ الناس : احباط نفسي، واجتماعي ، ومادي وحتى عائلي.
كي لا تقول اني اكتب شعراً سأقول لكَ على الطريقة اللبنانية : “الطاسة ضايعة”، وكأنّ هناك أخطبوط يمسك بأطرافه خيوط المؤامرة ، يحرّكها ، يشحنها بالزيت والنار ويشعلها ساعة يشاء ، فيتقاتل ابناء الوطن، بل بالأحرى يتقاتل المستفيدون من حرب الآخرين في الوطن الممزّق.
وسأقول بصراحة مُرّة : الجيش قسّموه “طوائفيا” للاسف ، القشرة الخارجية هي “جيش واحد للبنان واحد” لكنّ في الجوهر للأسف الولاءات ما تزال طوائفية .
عميد ، المؤامرة التي تكلمتَ عنها مستمرّة ، تتجسّد واقعاً مرّاً دموياً يوماً بعد يوم مستفيدةً من التناقضات الداخلية المصلحية والطائفية ، إذْ هي تتغذّى من خوف طوائف على امتيازاتها وخوف طوائف أخرى من الغبن ، ويظهر الأمر وكأنّ هناك اجهزة عديدة تغذّيها أو تقوم بها .
عميد، ليس هناك من بصيص نورٍ سوى المقاومة الوطنية اللبنانية التي دعوتَ اليها ، ولكن نخاف من تشويهها والمتاجرة بها وصَبْغها بأصباغٍ معينة عن قصدٍ أم عن طبيعة مذهبية يفرضها الواقع الديمغرافي فتؤدّي بها الى تجاذبات وافرازات وتداعيات كالتي هي حاصلة اليوم على ارض الواقع .
وختاماً ارجو لك دوام الصحة متمنياً أن تُعنى جيّداً بأمنكَ الشخصي مع إعتذاري الشّديد على هذه الملاحظة.
والى اللقاء .
الملازم الأول علي عواد
#ريمون_ادة
#اعلان_جنيف_للحوار ٢٠١٥
#انتفاضة_العدالة