الشبكة العنكبوتية (الانترنت) هي سلاح ذو حدين.
هي نعمة إذا ما تم استخدامها بالعقل السليم في سبيل نهل العلوم والمعارف، وتوصيل مخرجات إيجابية؛ تخدم الإنسانية جمعاء.
وهي نقمة فعندما تستخدمها عقول مريضة مختلة، تصبح وبالاً على القيم والأخلاق السوية فتدمر النشيء.
تغلغلت الإنترنت في حياة الإنسان بفضل الثورة المعلوماتية، بل أصبحت كل حياته، وصار لا يستطيع أن يحيا بدونها. حتى صارت هي إكسير الحياة الذي يحرك الإنسان ويساعده في تحقيق واجباته، وأعماله المختلفة.
والتواصل الاجتماعي وجه من أوجه استخدام الإنترنت. يتم من خلاله الوصل والتواصل بالعالم الخارجي، بما فيه أفراد البيت، حيث أصبح القريب والبعيد في مسافة واحدة، بمعنى أضحي الكون غرفه كبيرة.
ومن ضمن إيجابيات الوسائل التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا) إيصال المعلومات، والتوعية والحشد، لتنفيذ الفعل علي أرض يتطلب الواقع فيها تغييراً.
إن الأحداث في السوشال ميديا ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة لغايات، تستهدف تنفيذها عل الأرض.
وبالعودة إلي العنوان طبعّا إنه غريب ولكنه حقيقة ماثلة أمامنا، فعندما نجد أحزابً تنشأ في الإسفير وعضوية إسفيرية، تتواجد في مختلف دول العالم بل في كل قارات الكرة الأرضية، و لديها برامج سياسي، ولها نظام أساسىي، ولعضويتها حقوق وواجبات على الإسفير، ولكل مكون إرتري حزب، فللمنخفضات حزب وللمرتفعات حزب، ولكل قبيلة حزب، وتوجد منظمات مجتمع مدني (اجتماعية وخدمية وحقوقية) مقسمة وفقاً لتقسيم الأحزاب (التنظيمات)، وتوجد قروبات لكل مكون، لكل تنظيم قروب، ولكل اقليم قروب، ولكل قبيلة قروب، ولكل فئة اجتماعية أو مهنيه قروب، على كل وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وماسنجر وواتس اب وأيمو…إلخ)
وتستخدم هذة المكونات دعايه وإعلانات لمناشطها عبر كل الوسائل وكأنها تمارس أنشطتها على الجغرافيا، ومن هذا نستنتج بأننا نحن اإرترين أفضل من يستخدم الإسفير لأعمالنا السياسية والاستراتيجية والاجتماعية… الخ، ونعقد مؤتمرات، وندوات عبر زووم الذي يرتبط لايف بمختلف الوسائل من أجل كثافة الحضور مع مراعات التوقيت الأمثل، ونحن أكثر من يستخدم السوشال ميديا في التواصل الاجتماعي، سلبا وإيجابا على حد سواء.
وفي المقابل إن معظم أفراد هذة الأحزاب (التنظيمات) وأفراد المجتمع المدني لهم أوضاعهم معيشة مؤمنه، ومستقبل أولادهم مضمون، لا بل إن كثير من الأبناء لا يعرفون ماذا يفعل والداهم، وفي ماذا يفكران، ولمصلحة من يعملان.
ومعظم الأبناء ليس لديهم علاقة انتماء الي بلد آباءهم وذلك لضرورات الاندماج والحصول على خدمات المواطنة في الوطن البديل في المقام الأول، حتي إن معظم الآباء أنفسهم، ليس لديهم مصالح حقيقية آنيه أو مستقبلية تربطهم بدولتهم الأصل، إلا من باب حق تاريخي وذكريات مشروعة، يمكن العودة اليها عندما تكون الظروف متاحة.
إذن إن كنا مجتمعًا تتوفر له كل هذة الحقوق في الفضاء الاسفيري، ألا يجدر بنا ان نقول:
إن الدوله الإرترية في الاسفير!؟
وانطلاقا مما سبق، يستدعى الفرز بين الانسان الإرتري الذي هو بحاجة إلى إرتريا كوطن أول، ليس لديه وطن آخر دونه؛ لا في الواقع ولا في الخيال، ولا يستطيع العيش بعيدًا عنه، وليس له مصالح وجودية خارجه، وبين الإرترين الذين ينظرون إلى إرتريا كوطن سابق (فخري) شرط أن يتم تحقق الاستقرار والأمن والعدل عليه ليصبح وطنًا؛ يصلح للسياحة, وتملك مسكن في مواقع سياحية أو مراتع الصبا، واستعادة حقوق وذكريات الأسرة، أو العشيرة.
وهذا الفرز من الأهمية بمكان بحيث يجعل أصحاب الوجع في صف واحد، كي يفكروا بجدية في اختصار الوقت، وينطلقوا من الأرض ابتداءً من الداخل حيث المعني الحقيقي للتغيير المنشود ، لأن عامل الزمن جدًا قاتل، وهذا ما لا يشكل فارقًا مع الفئة الأخرى، التي تناضل من أجل التغيير في وقت الفراغ والإجازات، والجدير بالذكر، ولا أكون مبالغًا اذا قلت: إن معظم قيادات العمل المعارض سياسيًا، أو في مجتمع مدني هم من هذة الفئة، وليس إنكاراً لنضالاتهم وتضحياتهم وعطاءهم بالقدر المستطاع، بل لأنه يجب أن نكون واقعين، ونسمي الأشياء بمسمياتها، وننزل الأشخاص مقاماتهم، ونسلط الأضاءة عليدى النقاط المعتمة في قضايانا، حتي ننظر للواقع بالعين المجردة بدون استخدام نظارات ملونه لمعرفة حقيقة الواقع المعاش، وتحديد المتضرر الأول، ليتقدم الصفوف عند اتخاذ القرارات.
الخلاصة: إن الأوطان ثابتة بثبات الأرض، والإنسان هو المتغير، والزمن عامل تغيير كبير. حتي الطبيعة تتغير بمرور الوقت، فالأنهار تغير مجاريها، والجبال تفقد مكوناتها، ويصغر حجمها إن لم تكن صخرية، والمناخ يتغير، وكل هذا بفعل الوقت، فما بالك بالانسان،
إننا ننتظر أجيالًا وراء أجيال، ونحلم، بل نعتقد أن كل شيء في الوطن كما كان قبل الثورة وسيظل!؟
يجب أن نكون واقعيين، فيفكر كل يفكر حسب سنه، ومقامه، وعلمه، ومعلوماته، وأن ننظر إلى الواقع كما هو، وليس كما يتواجد في المخيلات.
إبراهيم اللولا