لبنان

جنرال الفراغ اللبناني… شريك الرؤساء والحكومات بثلث الزمن

سوسن مهنا – اندبندنت

رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ووزير الدفاع الياس بو صعب في احتفال عيد الاستقلال (أ.ف.ب)

دخل لبنان منذ عام 2005 حتى اليوم فراغات رئاسية وحكومية وتأجيل وتمديد لمجالس نيابية عدة، وانتُخب إميل لحود في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1998 رئيساً للجمهورية خلفاً لإلياس الهراوي، وفي عام 2004 مُدِّد للحود لفترة رئاسية ثانية بضغط من النظام السوري حينها، وبما يخالف الدستور، وانتهت ولاية لحود الرئاسية في 24 نوفمبر 2007، لكن لم يُنتخب خلفٌ له إلا بعد نحو ستة أشهر.

انتخب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، في 25 مايو (أيار) 2008، بعد اشتداد الخلافات بين فريقي 8 و14 آذار، إذ اعتصم فريق 8 آذار بدءاً من 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2006 حتى 21 مايو 2008، في وسط بيروت، مطالباً بإسقاط حكومة فؤاد السنيورة، ونصب أكثر من 600 خيمة حول مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت، ومع نجاح اتفاق الدوحة وأحداث 7 مايو 2008 التي نفذ فيها حزب الله هجوماً على بيروت ومناطق عدة.

في 24 مايو 2014 انتهت ولاية الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية، وكما دخل سليمان القصر الرئاسي وحيداً من دون مراسم التسليم والتسلم، خرج وحيداً.

هذه المرة، استمر الشغور الرئاسي سنتين ونصف السنة، وأدخلته السخرية الشعبية اللبنانية في موسوعة “غينيس”، إلى أن انتُخب ميشال عون، الاثنين 31 أكتوبر 2016 رئيساً للجمهورية، لتنهي هذه الخطوة سنتين من الشغور.

فراغات لحود

على صعيد الحكومات، في عهد لحود وبعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري واستقالة حكومة عمر كرامي استجابة لضغط الشارع، شكَّل نجيب ميقاتي حكومته الأولى في 19 أبريل (نيسان) 2005، وكانت الحكومة الخامسة في عهد لحود، وقد تشكلت بعد 50 يوماً من استقاله الحكومة السابقة.

وبعد الانتخابات النيابية في يونيو (حزيران) 2005، التي حصل فيها تحالف 14 آذار على الأغلبية، شكَّل السنيورة حكومته الأولى في 19 يوليو (تموز) 2005 بعد محادثات مضنية شاركت فيها معظم الأحزاب باستثناء التيار الوطني الحر، لكن هذه الحكومة دخلت إثر استقالة الوزراء الشيعة في 30 أكتوبر 2006 في مرحلة تصريف الأعمال حتى منتصف 2008.

… وسليمان

تميز عهد سليمان، بطول فترات التكليف والتأليف فاستهلك ثلاثة رؤساء حكومات أكثر من عامين لتأليف حكوماتهم، وسجل الرئيس تمام سلام رقماً قياسياً داخلياً، وربما الأطول عالمياً، في تصريف الأعمال لمدة سنتين تقريباً، أي ثلث ولاية رئيس الجمهورية.

وبعد اتفاق الدوحة شكَّل السنيورة حكومته الثانية، في 11 يوليو 2008، وشكلت الحكومة بعد 45 يوماً من تكليف السنيورة، وبعد مشاورات طويلة لحلحلة عقد التأليف وتوزيع الحقائب بين الأطراف كلها.

كذلك، خلال فترة ولاية سليمان، شكل سعد الحريري حكومته الأولى في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 بعد الانتخابات النيابية التي حصلت في 7 يوينو (حزيران) 2009، وقد شكلت الحكومة بعد خمسة أشهر ويومين من تاريخ إجراء الانتخابات.

وسقطت هذه الحكومة في 11 يناير (كانون الثاني) 2011، إذ أعلن وزراء المعارضة العشرة استقالتهم من حكومة سعد الحريري (خلال وجوده في الولايات المتحدة)، بسبب عدم الاستجابة لمطلب المعارضة عقد اجتماع عاجل لمجلس الوزراء لمواجهة المحكمة الدولية.

والحكومة الثالثة في عهد سليمان شكلها ميقاتي، وهي حكومته الثانية في 13 يونيو 2011، وذلك بعد نحو خمسة شهور من تكليفه، لكن ميقاتي أعلن استقالة حكومته، بسبب خلاف داخل مجلس الوزراء على استحقاق الانتخابات النيايبة وتعيينات أمنية، وأتت الاستقالة بعد ساعات من فشل مجلس الوزراء في التوافق على إقرار تشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات، والتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.

الحكومة الرابعة في عهد سليمان شكلها تمام سلام، في 15 فبراير (شباط) 2014، وذلك بعد أحد عشر شهراً تقريباً من تكليفه، لكن هذه الحكومة دخلت في مرحلة تصريف الأعمال لمدة سنتين تقريباً، من 2014 حتى أواخر 2016 إثر الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية سليمان.

… وعون

وفي عهد عون، شكَّل سعد الحريري حكومته الثانية وحكومة العهد الأولى، في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وذلك بعد 40 يوماً من التكليف، واستمر سعد الحريري في المنصب حتى 4 نوفمبر 2017، قبل أن يعلن الاستقالة من الرياض، أثناء زيارة مفاجئة إلى السعودية أحاطها بكثير من الغموض، وعاد الحريري إلى بيروت، بعد أيام من إعلان رئيس الجمهورية رفضه الاستقالة، وذلك للمشاركة في احتفال عيد الاستقلال في 22 نوفمبر، وتراجع عن استقالته وتلا بياناً وزارياً يؤكد خلاله اعتماد حكومته سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة والشؤون الداخلية للدول العربية.

وبعد الانتخابات النيابية، في 6 مايو 2018، أعلن الرئيس عون تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، وهي المرة الثالثة التي يتولى فيها الحريري رئاسة الحكومة، وشُكلت الحكومة في 31 ديسمبر 2019، أي بعد 9 أشهر من مرسوم التأليف، وبعد مشاورات شاقة استمرت 252 يوماً.

لكن هذه الحكومة استقالت في 29 أكتوبر 2019، وذلك بعد مرور 13 يوماً على اندلاع الانتفاضة اللبنانية، ما استدعى من الرئيس عون أن يطلب من الحكومة تصريف الأعمال لحين تحديد موعد الاستشارات النيابية. 

المحصلة

عاش لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري أكثر من 4 سنوات من حكومات تصريف الأعمال، وسنتين من الفراغ الرئاسي، وذلك على امتداد 14 عاماً.

على صعيد الانتخابات البرلمانية، حيث ينص الدستور على أن مدة دورة البرلمان أربع سنوات، جرت انتخابات عام 2005 على أربع مراحل بين 29 مايو و19 يونيو، على الرغم من التهديدات الأمنية التي شهدتها البلاد في ذلك الحين.

وفي 7 يونيو 2009، وفي وجود أكثر من 200 مراقب أجنبي، اختار اللبنانيون ممثليهم في البرلمان، وفاز فريق 14 آذار بـ71 مقعداً مقابل 57 لفريق 8 آذار، ومدّد هذا المجلس لنفسه ثلاث مرات، قبل التوصل إلى تسوية نهاية عام 2016 انتُخب على أساسها رئيس للجمهورية وشُكلت حكومة جديدة.

لماذا تحصل هذه المخالفات الدستورية والإخلال بالقواعد القانونية في لبنان؟ يجيب المحامي والأكاديمي اللبناني، بول مرقص، لـ(اندبندنت عربية) “لا نية لتطبيق الدستور كما هو، من دون الاتفاق مسبقاً على نتائج العمليات الدستورية والديموقراطية، فدائماً ما نأتي بالنتيجة ونمليها على المؤسسات فلا تجتمع المؤسسات إلا عندما تنضج النتيجة، ولا تطبق الآليات الديموقراطية إلا بعد الاتفاق السياسي خارج الآليات الدستورية، فتأتي الآليات الدستورية لتحتضن الاتفاق السياسي”.

يتابع “في الدوحة، تمّ الاتفاق خارج لبنان، ثم أمليناه على المؤسسات الدستورية، واعتدنا على عدم ترك البوصلة الدستورية تسير دونما تحضير وتوافق ومساومات وتسويات خارجها. وللأسف، اعتدنا على هذا الأمر، لكن ما يجب أن يحصل هو ترك الآليات الدستورية تسلك مسارها، واحترام المواعيد والاستحقاقات الدستورية، عدم تعطيل انعقاد المؤسسات إذا لم يكن هناك توافق أو تسوية سياسية خارجها،  فليحتكم في المؤسسات إلى التصويت والعمل الديموقراطي، والتعطيل اليوم ينقلب على من يعطل غداً، وهكذا دواليك، نتناوب على التعطيل ولكن نتكافأ في النتائج، وبالتالي يجب أن نعدل عن فكرة التعطيل لو خسرنا اليوم نتيجة الاحتكام إلى الآليات والمؤسسات، نربح مرة أخرى غداً، والعكس بالعكس، أما لعبة التعطيل فتؤدي إلى تعطيل العمل بالدستور، وبالتالي خراب البلد”.

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button