إلى “الخطّة ب” إذًا
بقلم عقل العويط – النهار
والله، والله، والله، كنتُ أتمنّى ألّا أكون على قيد الوعي أو الحياة، لكي لا أشهد الدرْك الانحطاطيّ الذي وصل إليه مفهوم العمل السياسيّ في لبنان. الدناءة، القذارة، انعدام الخجل، وفقدان الإحساس بالكرامة، الوطنيّة والشخصيّة، لم يعد لها قعرٌ، ولا حدودٌ، لدى طبقة أهل الحكم في لبنان.
مواقف المسؤولين وممارساتهم، رجال السياسة هؤلاء، والأحزاب، والتيّارات، بمراتبهم والمستويات كافّةً، يندى لها الجبينُ الكريمُ الأبيّ. لأنّها ممارساتٌ ومواقفُ أقلّ ما يُقال فيها، إنّها ماجنةٌ، مقامِرةٌ، مريضةٌ، هذيانيّةٌ، مهلوٍسةٌ، مسعورةٌ، وانتحاريّة. بالمعنى الوطنيّ العامّ، تحديدًا. فهم “ينتحرون” البلادَ والمواطنين، كما هم على استعدادٍ تامٍّ ودائم لمقايضة مستقبل الجمهوريّة وحياة الناس بكرسيّ. وإنْ يكن الكرسيٍّ مخلّعًا.
إنّ ما يجري “رسميًّا” على مستوى تأليف الحكومة، يحمل على التقزّز، بل على التقيّؤ. مسؤولون وزعماء وأطراف وأفرقاء، من أعلى الهرم في السلطة إلى أدناه، يتلاعبون بالمصير، كما لو أنّهم يتقاذفون كرةً مفخوتةً في ملعبٍ موحل. همومهم القصوى، وانتصاراتهم القصوى، لا أنْ ينقذوا البلاد والناس، بل أنْ يسجّل الواحد منهم نقطةً في ملعب الخصم – العدوّ. إنّهم – يا للهول – يتصرّفون، كما لو أنّ ما يُرشَقون به من تعابيرَ وأوصافٍ، وما يوجَّه إليهم من اتّهامات، لا يعنيهم في شيء. إنّ ما ينهمر على وجوههم ليس بصاقًا إنّما هو محضُ مطرٍ تجود به السماء.
ما العمل مع أمثال هؤلاء؟
أكاد أصرخ بالقلم الجهير: حلالٌ كلُّ موقفٍ يُتَّخَذ لردع هؤلاء المجرمين. حلالٌ كلُّ ما يفعله الجمهور النقيّ الثائر لإسقاط هؤلاء، أو لمنع شرورهم عنّ الجمهوريّة والدولة، وعن المؤمنين بالجمهوريّة والدولة.
أُعلن بوعيٍ رصينٍ وحكيم، داعيًا كلّ مَن يعنيه الأمر إلى أخذ العلم: لم يعد يكفي التشهير بالجرم المشهود الذي يرتكبه سكّان السلطة. لم يعد يكفي الشارع. ولا التظاهر. ولا الإضراب. ولا الاعتصام. لم يعد يكفي إعلان الجوع. ولا إشهار الإفلاس. ليس لأنّ هذه الخطوات غير مجدية. بل لأن هؤلاء “المتسلبطين” على كراسي الحكم في الجمهوريّة لن يتورّعوا عن مواصلة اللعبة الجهنّميّة القذرة التي يتقنون القيام بها، وفق تصعيدٍ منهجيٍّ لن يتوقّف عند حدّ. إنّهم مستمرّون في ممارسة الرذيلة الوطنيّة، وإنْ يكن الثمن هو خراب البلاد. ولن يكفّوا عن “اغتيال” هذه الانتفاضة – الثورة، ولا عن تدمير كلّ شيءٍ جميلٍ وبهيٍّ في هذه الجمهوريّة.
في حسابات أهل السلطة، وخصوصًا منهم جماعات “العهد”، و”التيّار الوطنيّ الحرّ”، وتيّار “المستقبل”، وحركة “أمل”، و”حزب الله”، و”الحزب التقدّمي الاشتراكي”، وباقي المنضمّين إلى جوقة الحكومة، لا مكان لما يطالب به الشعب.
في مواجهة اللعبة القذِرة المتواصلة هذه، لم يعد يكفي أسلوب الضغط المتّبع حتّى اللحظة.
لقد آن أوان انتقال أهل الانتفاضة – الثورة سلميًّا إلى “الخطّة ب”.
إلى “الخطّة ب” إذًا.