حزب الله و أمل تغيير طبيعة الثورة الشعبية فبعد شهرين تميّزت بسلميتها تحولت إلى ساحة لاشتباكات
استطاع حزب الله بالاشتراك مع حركة أمل الشيعية تغيير طبيعة الثورة الشعبية التي يشهدها لبنان منذ السابع عشر من أكتوبر الماضي. فبعد شهرين على الثورة التي تميّزت بسلميتها، تحولت شوارع بيروت ليل السبت – الأحد إلى ساحة لاشتباكات تخللها اعتداء على المحلات التجارية في وسط بيروت.
وكشفت مصادر أمنية أن وراء هذا التحوّل شبان من حزب الله وأمل يحملون عصيا غليظة راحوا يرمون الحجار والمفرقعات على المتظاهرين السلميين وعلى قوى الأمن في الوقت ذاته.
وأحدث ذلك فوضى كبيرة في بيروت في ما اعتبرته أوساط سياسية ضغوطا تمارس على سعد الحريري من أجل القبول بتشكيل حكومة بموجب مواصفات حزب الله. وهذا ما أكده محمّد رعد رئيس تكتل نواب حزب الله الذي دعا إلى تشكيل حكومة تواجه الضغوط الأميركية التي تمارس على لبنان.
وطلبت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن في بيان الأحد من قيادة قوى الأمن الداخلي “إجراء تحقيق سريع وشفاف لتحديد المسؤولين”، بعدما تم نقل أكثر من خمسين جريحا إلى المستشفيات وعلاج أكثر من تسعين آخرين في وسط بيروت.
وأعربت هذه الأوساط السياسية عن اعتقادها بأنّ المشاورات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم الاثنين ستسفر عن حصول سعد الحريري على أكثرية بسيطة تسمح بتسميته لتشكيل الحكومة المقبلة.
وتوقعت هذه الأوساط تمسّك الحريري بشروطه لتشكيل حكومة جديدة لا تضمّ سوى “اختصاصيين واختصاصيات تتمكن من التصدي للتحديات الاقتصادية والمعيشية”.
وقالت أوساط الحريري إنّه “سيعمل في حال تكليفه على إيجاد فريق عمل متكامل من أصحاب الاختصاص والخبرة وإنّ كتلة المستقبل النيابية (كتلة الحريري) ستؤكّد هذا التوجّه في الاستشارات النيابية”.
وذكرت مصادر مقربة من الحريري أن مواصفاته للحكومة الجديدة لن تتبدل أو تتغّير، وهو يشدد على ضرورة تشكيل حكومة من الاختصاصيين تتمكن من التصدي للتحديات الاقتصادية والمعيشية.
ورسمت الأوساط السياسية في بيروت سيناريوهات عدّة لمرحلة ما بعد تكليف الحريري، هذا في حالة عدم حصول مفاجأة تحول دون ذلك.
وذكرت أن رئيس الوزراء المكلّف سيشكل حكومة اختصاصيين فقط بينهم وجوه نسائية عدّة ثمّ يعرضها على رئيس الجمهورية الذي قرّر صهره جبران باسيل، بصفة كونه رئيس “التيّار الوطني الحر” رفض المشاركة في حكومة برئاسة الحريري.
وتوقّعت الأوساط ذاتها أن يرفض ميشال عون توقيع مراسيم تشكيل حكومة من هذا النوع يرفضها حزب الله أصلا. وقالت إن رئيس الجمهورية قد يوقع مراسيم تشكيل الحكومة ثم يتركها تسقط في مجلس النوّاب، حيث يقول الأمين العام لحزب الله إنّه يمتلك الأكثرية مع حلفائه.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن حزب الله يخطط في المدى الطويل لبقاء الحكومة الحالية التي يسيطر عليها بالمطلق والتي لديه فيها ثلاثة وزراء، فضلا عن وزراء حركة أمل والتيار الوطني الحر وأولئك الذين سماهم رئيس الجمهورية. وذكّرت في هذا المجال بقول حسن نصرالله في خطابه الأخير بأنه كان طلب من سعد الحريري عدم تقديم استقالة حكومته الحالية.
وقال سياسي لبناني مخضرم إن نصرالله يرمي من بقاء الحكومة الحالية، بصفة كونها حكومة تصريف أعمال، إلى تأكيد أن الكلام الذي يقوله يجب أن ينفّذ من دون أي اعتراض عليه بغض النظر عما يدور في الشارع منذ شهرين.
ومنذ أن دفعت الاحتجاجات الحريري إلى الاستقالة من رئاسة الوزراء في أواخر أكتوبر، وصلت المحادثات بين الأحزاب الرئيسية إلى طريق مسدود بشأن تشكيل حكومة جديدة.
ولبنان في حاجة ماسة إلى حكومة جديدة لإخراجه من الأزمة التي هزت الثقة في نظامه المصرفي. ويقول المانحون الأجانب إنهم لن يقدموا مساعدات إلا بعد أن تشكل البلاد حكومة يمكنها تطبيق الإصلاحات.
ونقل عن مصادر دبلوماسية في بيروت أن اجتماع الدول الداعمة للبنان في باريس الذي عقد الأسبوع الماضي قد عزز حظوظ الحريري في نيل إجماع نسبي من قبل التيارات السياسية اللبنانية وأوقف تداول الأسماء البديلة التي أهدر وقت كثير بشأنها.
واعتبرت المصادر أن الاتصالات التي أجراها الحريري مع مسؤولين في صندوق النقد والبنك الدوليين، الخميس، تؤكد قناعة بأنه سيواصل دوره رئيسا للحكومة المقبلة.
وأجرى الحريري اتصالين هاتفيين بكل من رئيس البنك الدولي دايفيد مالباس والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جيورجيفا، وعرض معهما الصعوبات الاقتصادية والنقدية التي يواجهها لبنان.
وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأحد، المسؤولين اللبنانيين بأن “يتحركوا” ويضعوا حدا للأزمة التي تشل البلد في ظل حركة احتجاج شعبية تطالب برحيل السلطة السياسية. وقال لودريان خلال برنامج “مسائل سياسية” على راديو “فرانس إنتر”، “يجب أن تتحرك السلطات السياسية لأن البلد في وضع حرج”.
صحيفة العرب