الحراك الشعبي يعصف ببيت عون السياسي والعائلي
عمّق الحراك الشعبي المتواصل في لبنان الشرخ الحاصل في البيت السياسي والعائلي للرئيس ميشال عون، حينما قرر صهره النائب شامل روكز إعلان دعمه منذ البداية للاحتجاجات، منضما إلى المتظاهرين الذين على خلاف باقي السياسيين والنواب استقبلوه بحرارة.
ولم يقف القائد السابق لفوج المغاوير عند مساندة الحراك لا بل إنه ذهب حد إعلان الانفصال عن “تكتل لبنان القوي”، وعدم المشاركة في المظاهرات التي نظمها التيار الوطني الحر الأحد الماضي تحت عنوان “الوفاء لعون”.
وجرّ روكز زوجته كلودين، ابنة الرئيس ميشال عون، معه إلى ذات الموقف حيث أعلنت هي الأخرى منذ الأيام الأولى للحراك عن دعمها للاحتجاجات، كما اعتكفت عن المشاركة في مسيرة “الوفاء”، الأمر الذي عده أنصار التيار الوطني الحر، خيانة لوالدها وإرثه، في سياق ما اعتبروه رغبة محمومة لتصفية حسابات مع رئيس التيار جبران باسيل الذي يوصف “بالصهر المدلل”، لرئيس الجمهورية.
وفي مما بدا محاولة للعدم كسر الجرة مع والدها، مع التأكيد على دعمها للحراك، أعربت كلودين عون روكز، الثلاثاء، عن تأييدها لـ”كل صوت مُحقّ في مطالبه”، لكنها ركزت على مساندة من يدعم “الورقة الإصلاحية” التي قدمها الرئيس عون.
وقالت كلودين عون “أدعم كلّ شخص يُطالب بضمان الشيخوخة، وأقف إلى جانب كلّ امرأة تُطالب بالجنسيّة لأولادها، وأساند كلّ شخص يؤيّد ورقة رئيس الجمهوريّة الإصلاحيّة، وخارطة الطريق التي وضعها في 31 أكتوبر الفائت”.
ونهاية الشهر الماضي، تعهّد عون بتشكيل حكومة جديدة يتمّ اختيار وزرائها وفقاً للخبرة وليس اعتمادا على الولاءات السياسيّة. لكنّ المتظاهرين رفضوا مبادرة عون التي قالوا إنها لا تلبّي مطالبهم في ظل الأوضاع المعيشيّة الصعبة وما يعتبرونه “فسادا مستشريا” في الحكومة اللبنانيّة.
وبسؤالها عمّا إن كانت تدعم الحراك الشعبي المستمر منذ 17 أكتوبر الماضي، أوضحت “طالما هناك أصوات مُحقّة، أنا معها أينما كانت تُطالب بحقّها”. وبشأن ما إن كانت تؤيد حكومة تكنوقراط أو مختلطة تضم سياسيين وتكنوقراط، ردت “كلّها تسميات، المهم في الوقت الراهن تشكيل حكومة تنقذ البلد من المأزق من خلال وزراء من ذوي الخبرة والقدرة”.
وبدت إجابة كلودين دبلوماسية لتحاشي أي هجمات جديدة من قبل أنصار التيار، خاصة بعد أن أثارت تغريدة سابقة لها على “تويتر” حذفتها سريعا عن الذهاب في انتخابات مبكرة ردود فعل غاضبة اعتبرت أن ما جاءت به طعنة في الظهر، ذلك أن أي انتخابات في هذا الظرف ستطيح بكل الإنجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة، وستأكل من الرصيد النيابي للتيار البرتقالي.
وترى أوساط سياسية أن موقف روكز كما زوجته ليس بمستغرب في ظل غياب الكيمياء مع رئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل الذي يحمله الثنائي كما جزء كبير من أعضاء “البرتقالي” المسؤولية عن ضرب صورة العهد وتشويه إرث عون النضالي، عبر سلوكه الاستفزازي لباقي الطيف السياسي والمجتمعي، وتضخم الأنا لديه خاصة منذ توليه رئاسة التيار في العام 2015. وتلفت هذه الأوساط إلى أن العلاقة بين روكز وزوجته من جهة وباسيل من جهة ثانية غلب عليها التوتر خلال السنوات الأخيرة مع شن الأخير حملة ضد كل من يخالفه في الرأي داخل التيار الوطني الحر، رافعا الشعار المشهور “من ليس معي فهو ضدي”.
ويتهم باسيل بأنه حاول عرقلة صعود روكز في الانتخابات النيابية الماضية، من خلال عدم تقديم الدعم المطلوب، حتى بدا القائد السابق لفوج المغاوير وكأنه مرشح مستقل، فضلا عن اتهامات برزت بأن باسيل كان من يقف خلف عدم تولّي روكز لمنصب وزير الدفاع خلفا لجان قهوجي.
وفي الأشهر الأخيرة طفت على السطح مؤشرات عن قرب القطيعة بين روكز والتيار الوطني الحر، وليس أدل على ذلك من اعتكافه ومقاطعته اجتماعات تكتل لبنان القوي بشأن الموازنة العامة، تحت يافطة رفض البنود المطروحة بشأن المتقاعدين العسكريين.
والسبت الماضي، أي قبل يوم من الاحتجاجات المساندة لعون قال روكز إن الحراك الشعبي والاحتجاجات التي تشهدها بلاده “مرتهنة للظلم والإجحاف الحاصل بحق المواطن”.
ويعتقد كثيرون أن استمرار عون في احتضان باسيل سيكلّفه ثمنا باهظا لجهة تآكل خزانه الشعبي، وتفكك بيته السياسي والعائلي.
العرب