كعبو أبيض… البساتين (بقلم عمر سعيد)
الموسيقا فعل ، لا رد فعل ..
ولأن الفعل عامودي ، ورد الفعل أفقي، “كعبو أبيض” فعل عامودي بامتياز ..
ثلاث آلات ( إيقاع ، كيبورد و عود ) وثلاثة عازفين يعيشون على ضفاف مجرى من الابداع ، يملؤون كؤوس المارة بخمر العذوبة ، فيستيقظون على ليل وسكينة وأنغام تولد وطناً من صفاء وإنسان .
لا تحتاج إلى تذكرة دخول ، ولا إلى حجز مسبق لحضور أمسية لجماعة كعبو أبيض ، كل ما تحتاجه أن تتبع الحب فيك إلى حيث ينصبون آلاتهم فوق التراب في باحة بيت ريفي بسيط في قرية البساتين ، بجوار عالية .
وقد تحلق الحضور من حولهم فوق مجالس أرضية ، تشعرك للحظات كما لو أنك على جنبات حافة من حواف صومعة سحر ، وستنخرط في رحلة صوفية ، دخلتها دون قصد أو تعمد .
تتناثر نغمات العزف في المكان ، بشكل رقيق عجيب ، ليبدو الأمر كما لو أن إله جمال قد أمسك بزجاجة ، وبدأ ينشر عطره ، ليلامس بالرذاذ المتهادي كل ما تكشف من روحك وجسدك ومشاعر الحب فيك.
تنسج موسيقا كعبو أبيض بخيوط من رقة غيمة سحر فوق المكان والحضور والأشجار المحيطة.
فيرتدي كل من حضر روحه التي خلعتها عنه تكاليف الحياة والسياسة واليوم المجهد ، وقد أخذ يغتسل بمياه العزف تسيل من قنوات علوية مقدسة .
تصنع كعبو ابيض وقتا مكثفا جدا من الراحة والاسترخاء والجمال ، ثم تصمت عن العزف على آلاتها ، تاركة موسيقاها تتنقل داخل الناس بسلاسة بخار قهوة الصباح إذا ما فُكَت نوافذ البيوت عن ليل سكنه حلم كعبو أبيض .
عمر سعيد